صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

“مقاومة لها دولة”؟

بقلم : رفيق خوري - لا معادلة أن لم تكن متوازنة. لكن المطروح على اللبنانيين منذ بدء الشغور الرئاسي هو معادلة عرجاء: التركيز على أنه لا يمكن فرض رئيس للجمهورية على "الثنائي الشيعي"، وتجاهل النصف الآخر من المعادلة، وهو أنه لا يمكن فرض رئيس على القوى المسيحية الأساسية، قبل الحديث عن فرضه على السنّة والدروز. فضلاً عن الدعوة الى الحوار والتوافق على مرشح، ثم إغلاق الطريق على التوافق إلا اذا كان نوعاً من التسليم بما يريده "الثنائي الشيعي". وليس ذلك نوعاً من المقاربات السياسية المختلفة للوصول الى إنتخاب رئيس بل سياسة مدروسة ذات بعد إستراتيجي لتحقيق هدف آخر وأبعد. فلا شيء في السياسة اسمه الفراغ للفراغ على طريقة الفن للفن. ولا أحد يصمم على ان يكون الشغور هو مرشحه الأول، وملء الشغور بمن يرتاح اليه ويخدم برنامجه هو مرشحه الثاني، إن لم تكن لديه خطة لتوظيف الشغور او الرئاسة المضمونة له في مشروع راديكالي بعيد المدى.

والحسابات مفهومة ضمناً. حسابات “الثنائي الشيعي” مبنية على موازين القوة التي يراها متغيرة في الداخل لمصلحته، ومتبدلة في المنطقة لمصلحة “محور المقاومة”. كيف؟ الضعف أصاب أدوار “طائفتي الكيان”، أي الموارنة-الدروز، و”شريكي الميثاق الوطني” الماروني والسني. وفائض القوه صار لدى “طائفة المقاومة” أي الشيعة. وهذه حسابات متسرعة ضمن المنطق الصوري بدل المنطق الديالكتيكي. فلا السياسات الوطنية تقوم على موازين القوة في الداخل او في الخارج. ولا العدد والسلاح سوى عامل واحد في موازين القوة التي ليست ثابتة أساساً. لا أدوار الموارنة والسنّة والدروز صارت على هامش اللعبة في بلد التعددية والتسويات. ولا دور الشيعة يكفي لملء المسرح اللبناني المفتوح أمام أدوار عربية ودولية عدة قبل الدور الإيراني وبعده.

ذلك أن الرهان على تغيير لبنان شيء، والقدرة على التغيير عملياً شيء آخر. فضلاً عن القدرة على حكم النظام الآخر في لبنان آخر. فمن الصعب ان ينجح في لبنان نموذج على طريقة النظام السوري، أو على طريقة النظام العراقي، أو على طريقة النظام الإيراني. حتى وراثة الدولة التي يقترب إنهيارها من الإكتمال، فإنها ليست ضمن هذه المرحلة في حسابات “حزب الله”. وإذا قيل عن كل من الباكستان وإسرائيل إنها “جيش له دولة، لا دولة لها جيش”، فإن من المغامرات الخطيرة في لبنان ان يصبح “مقاومة لها دولة”. والكل يعرف أن تحرير الأرض في الجنوب بقوة “المقاومة الإسلامية” لم تتبعه خطوة لا تقل عنه أهميه هي التحرر الوطني والإجتماعي، حتى وصلنا الى “التحرر” من الدولة لمصلحة المافيا السياسية والمالية والميليشيوية الحاكمة والمتحكمة.

أكثر من ذلك، فإن رهان “الثنائي الشيعي” على الفراغ الى ان تتعب القوى الأخرى وتسلّم بما يريد، قاد الى العكس: وحدة موقف بين القوى المسيحية المختلفة، و”ممانعة” معاكسة تضم المسيحيين والسنّة والدروز. وهذا ما يفترض ان يؤدي الى وفاق بالمعنى الحقيقي.

ولعلّنا في حاجة الى تكرار ما يستشهد به البابا فرنسيس من قول الشاعر هولدرن: ” حيث الخطر تنمو هناك دائماً قوة الإنقاذ”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading