لولا السابع من آب و ما سبقها و تلاها لم تكن ثورة أرز و لا انتفاضة استقلال و لا من يحزنون …
لطالما تغنّى الجميع و كثيراً بانتفاضة الاستقلال و ذكرى ١٤ آذار لكن أغلبهم تجاهل عن عمد أو سهواً ما سبق تلك الثورة من سنوات نضال و مقاومة أسست لما حصل عام ٢٠٠٥ .
نحن لا ننكر طبعاً أن استشهاد الرئيس رفيق الحريري كان عاملاً أساسياً و مهماً في الدفع قدماً نحو خروج جيش الإحتلال و استعادة السيادة اللبنانية و لو لفترة محدودة .
لكننا نعرف و سنشهد على مقاومة حصلت منذ عام ١٩٩٠ و حتى ال ٢٠٠٥ و كانت مقاومة مسيحية صرفة أسست لما جرى في ثورة الأرز و تم تجاهل تلك المقاومة و طمس تضحيات رموزها كل لأسبابه الخاصة .
تلك المقاومة حفلت بالأحداث و المحطات الأساسية و الكبرى فإضافة الى اغتيال بعض رموزها كرمزي عيراني و غيره كان أبرز تلك الأحداث على الإطلاق ما حصل في السابع من آب .
في هذا التاريخ ضاقت سلطة الوصاية ذرعاً بأولئك المقاومين فاستشرست في الهجوم عليهم بمحاولة واضحة لضرب قادتهم خاصة القادة الطلابيين الذين شكلوا العصب و المحرك الأساسي لكل النشاطات التي جرت في الأيام السوداء …
رموز كبرى قادت لسنوات تلك الحركة المقاومة كسلمان سماحة و توفيق الهندي و إيلي كيروز و نديم لطيف و غيرهم خفَتَ وجهم بعد ثورة الأرز و لم يحظوا بأي دور يذكر في أحزابهم من دون أي سبب واضح يبرر ذلك .
كان يمكن لنا أن نفهم أن يطمس من التحقوا بالخيار السيادي بعد ثورة الأرز تضحيات و نضالات من سبقوهم و التي أسست للإستقلال الثاني و لكن ما لا يمكن فهمه أن يتجاهل بعض أهل البيت عمداً أو دون قصد نضالات اشخاص امتدّت لسنوات و ساهمت في تحقيق أهدافنا المشتركة جميعاً .
طبعاً نحن لا نريد أن نتدخل في شؤون الأحزاب الداخلية و مناقشة أمور لا شأن لنا بها خاصة أن أحزاباً كالقوات اللبنانية لا غبار على مسارها السياسي السيادي منذ عودتها الى الحياة السياسية حتى اليوم … نحن فقط و في هذا المقال اردنا أن نذكر هؤلاء الأشخاص لإعطائهم حقهم ليس إلا …
في النهاية نقول و بوضوح … لولا مقاومة جماهير أحزاب اليمين المسيحي في زمن الوصاية لما كانت ثورة ارز و لا انتفاضة و لا استقلال .
لولا صمود هؤلاء و تضحياتهم … لولا ٧ آب و كل ما جرى وقتها لم يكن ليتبقى أصلاً من يعترض على الوجود السوري الشاذ في لبنان لتنطلق ثورة عليه و يحصل استقلال عنه …
لولا شهادة نديم عبد النور و فوزي الراسي و رمزي عيراني و كل رفاقهم لم يكن ليبقى للأحرار موطئ قدم في هذه الأرض لينطلقوا منه للتحرير …
في الماضي البعيد وحدها المقاومة المسيحية زمن الحرب العسكرية أمنت صمود و استمرارية الكيان و أبقت منطقة حرة مهدت لاستعادة حرية الوطن و لو جزئياً لا حقاً .
و في الماضي القريب وحدها ايضا المقاومة المسيحية السلمية و باللحم الحي مع ما رافقها من اضطهاد و ظلم و قهر طيلة تلك السنوات السوداء هي من أعطت الأمل و شكلت دافعاً للآخرين لينتفضوا بوجه المحتل عندما حان الوقت .
و كما في الحرب عندما وقف الجميع متفرجاً على المسيحيين يقاتلون وحدهم و يذبحون لا بل وقف بعضهم الى جانب من ذبحهم في أحيان كثيرة كذلك في زمن السلم السوري كلهم تفرجوا على المسيحيين يضطهدون ووقفوا الى جانب جلادهم و عندما انتصرت تلك المقاومة انتقلوا اليها و سرقوا شعاراتها نسبوا انتصارها لهم .
ستظل ذكرى ٧ آب و مثيلاتها شاهداً حياً على ابطال حاربوا المحتل و غلبوه و ستظل شاهداً على وصولية إخوة في الوطن يتلونون مع الأحداث و الأيام ليعودوا و يسرقوا انتصار الآخرين و ينسبوه لأنفسهم .
هي الإشكالية الكبرى في لبنان التي جعلت المسيحيين يكفرون بعيش مشترك مصطنع و يتجهون و لو بالنوايا حتى الآن نحو المطالبة بشكل من أشكال الإنفصال الذي و ربما سيسعون اليه فعلياً مع الأيام .