شاهدوا برامجنا

Share
مقال
من استِمالة النظام السوري زمن الوصاية الى محاولة تعويمه اليوم … هكذا انهار لبنان !!!

من استِمالة النظام السوري زمن الوصاية الى محاولة تعويمه اليوم … هكذا انهار لبنان !!!

 Posted on Sunday, April 10, 2022

كتب المقال : شربل نوح - صدى الارز
Thursday, April 21, 2022
دائماً و في كل الدول ينبت الفساد على أطراف الأزمات الكبرى … لم يكن الفساد في أي مرة السبب المباشر للأزمات إنما العكس كان إحدى نتائجها المباشرة فلما التركيز في السنوات الأخيرة في لبنان على موضوع الفساد و الفاسدين فقط و تحميله وحده أكثر منا يحتمل ؟؟

منذ نشوء الكيان الذي نعرف و ربما قبله أيضاً كان هناك فساد و فاسدين في لبنان كما في كل الدول فما هو الفساد أصلاً ؟؟

الفساد هو آفة تضرب المجتمعات و الدول كأي آفة أخرى مثل المخدرات و غيرها و عادة ما تنتشر هذه الآفات في أوقات المحن عندما تتعرض تلك الشعوب لضغوط كبرى تفوق طاقتها على الإحتمال أو عندما تنعدم الحلول في لحظة ما و تصل الى حائط مسدود و تقفل بوجهها كل الأبواب .

و الفساد آفة تتنقل صعوداً و هبوطاً بحسب أوضاع المجتمعات و الدول … فإن رأينا استقرارا سياسيا و ازدهاراً اقتصاديا تراجعت تلك الآفة تلقائياً الى حدودها الدنيا و إن حصل العكس ازدهرت و تضخمت و استفحلت كما حصل في السنوات الأخيرة في لبنان … فلما التركيز اليوم على نتيجة الأزمات و محاولة تصويرها على انها سبب كل شيء و أصل البلاء ؟؟

لنفهم علينا ان نعرف أن لبنان وطن متفجر و الحلول دائماً ما تطبخ فيه على نارٍ حامية لذا تأتي ناقصة و معتوِرة كما حصل أقله منذ اتفاقية القاهرة المشؤومة و حتى اليوم .

لن نطيل الكلام في الماضي لأننا بحاجة الى مجلدات لشرحه سنتكلم فقط عن مرحلة ما بعد ١٩٩٠ حتى اليوم اي ما يفترض ان يكون لبنان الجمهورية الثانية التي اعقبت انتهاء الحرب الأهلية .

لا شك أن كل ما جرى اقتصاديا بعد الحرب يحتمل الكثير من التأويلات و تحوم حوله الكثير من الشبهات و الشكوك بدءاً من إعادة الإعمار و سوليدير مروراً بالخلوي وصولاً الى الكهرباء و السدود و غيرها الكثير … لكن ما حصل أيضا يحتمل القليل من التبصّر لنفهم اسبابه العميقة قبل توزيع الاتهامات يمنة و يسارا للمزايدة على الآخرين فقط .

في مرحلة ما بعد الطائف و نتيجة حرب الخليج كان هناك اتفاق دولي على تسليم لبنان سياسيا و امنيا للنظام السوري و ابقاء متنفس اقتصادي له تتولاه دول الخليج من خلال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لمحاولة اعادة اطلاق عجلة الحياة فيه بعد الحرب .

المطلوب كان استمالة النظام السوري دوليا من خلال اعطائه بعض المكاسب في المنطقة و أهم هذه المكاسب لبنان … لكن لبنان المنهار كان ليشكل عبئا عليه لذا توجَّب انعاشه اقتصاديا و من افضل من دول الخليج لهذه المهمة ؟؟

ان حقيقة ما جرى وقتها هو انهم حاولوا اغراء النظام السوري بمكاسب مادية و سياسية و ديمغرافية في لبنان لاستمالته و هذا كان السبب الحقيقي لاستقرار البلد آنذاك برعاية عربية و دولية و ليس أي شيء آخر .

اذاً لم يكن أحد يريد عملية اصلاح حقيقية في لبنان أو اطلاق عجلة الاقتصاد كما يجب و اعادته الى موقعه الطبيعي بين الدول جلّ ما كان يجري هو ضخ للأموال في بلد منهك و محتل لإفادة دولة أخرى هم بحاجة ماسة لحضورها ضمن مشاريعهم في المنطقة وقتها من هنا رأينا الصناديق السوداء و العمولات الضخمة على كل شيء تقريبا و التي امنت مليارات الدولارات للنظام السوري في تلك الأيام كل ذلك كان على حساب الخزينة و الاقتصاد .

من منا لم يسمع وقتها مثلاً أن اي تلزيم أو مشروع صغيراً كان ام كبيراً لم يكن ليسير و يحصل على الموافقات اللازمة الا ان اقتطعت منه و بالأساس عمولة نظام الوصاية .

على من يسأل عن الأموال التي هدرت وقتها ان يفهم أن تلك الأموال ذهبت بأغلبها للنظام السوري و ربما هي أتت اصلا الى لبنان لتذهب بهذه الطريقة الى مكان آخر و لم يكن لبنان سوى طريق عبور لها ليس أكثر  … فكفى مزايدات و ذر للرماد في العيون لأن كل من عاش تلك المرحلة يدرك هذه الحقيقة جيداً .

إن اصغر ضابط استخبارات سوري كما اكتشفنا لاحقا تحصَّل على اموال من لبنان اكثر بكثير من الذي استفاد منه السياسيون الفاسدون عندنا لأن ذلك النظام ترك لهم الفتات فقط

لن نطيل اكثر بالشرح عن ذلك الزمن فما جرى اصبح واضحا و معروفا بعد أن كشف المنشقون عن النظام خلال الثورة السورية الكثير من الوقائع و سننتقل الى مرحلة أخرى هي مرحلة ما بعد ثورة الارز و انتهاء الوصاية فما الذي حصل في تلك السنوات ؟؟

تحسن الوضع بعد ثورة الارز و تنفس لبنان الصعداء و وصلت نسب النمو في بعض السنوات الى حوالي ٩٪؜ و هو رقم ممتاز بالنسبة لبلد كلبنان … هذا التحسن اتى نتيجة تغير السياسة الدولية و انعكاسها على لبنان بإنعاش المحور السيادي فيه … لكن اندلاع الثورة السورية غير كل شيء.

عند اندلاع الأحداث في سوريا و تشديد الخناق على موارد نظامها قرر حلفائه في لبنان خاصة حزب الله القوي عسكرياً و الذي عاد ليتحكم بمفاصل اللعبة الداخلية (نتيجة سياسة التراجع و الضعف و المسايرة التي اعتمدها بعض أقطاب المحور السيادي ) قرروا نحر اللبنانيين لإنقاذ الأسد … و مرة من جديد رأينا الأموال الضخمة و السلع و كل شيء ينقل من لبنان الى سوريا و بطريقة علنية ووقحة لمحاولة انعاش نظامها المتهالك .

يكفي ان ننظر الى فاتورة استيراد النفط و كيف فقزت بطريقة غريبة و بأرقام خيالية و فوق حاجة السوق اللبناني بكثير باعتراف المعنيين جميعاً لنفهم كيف تم استنزاف احتياطياتنا من العملة الصعبة .

لقد أُجبر لبنان على استيراد حاجاته و حاجات النظام السوري معاً لتجنيب هذا النظام الحصار و للتحايل على العقوبات المفروضة عليه من خلال النظام المالي اللبناني ما أدى الى أمرين :

أولاً - وضعنا في وجه العاصفة و تعريض نظامنا المالي و المصرفي للخطر و جعله مكشوفا و مراقبا و مستهدفاً دائماً .

ثانياً - استنزاف احتياطياتنا من العملات الصعبة و بالتالي إيصالنا الى الإنهيار الشامل و ربما هذا ما قصده حاكم المركزي وقتها عندما قال انه يمول اقتصادين و بلدين .

اذاً السبب المباشر لانهيار الاقتصاد ليس الفساد المستشري فقط و الموجود تاريخيا في لبنان و الذي يمكن معالجته بنهاية المطاف … السبب الأساسي هو سياسي من محاولة استمالة النظام السوري في التسعينات الى محاولة انقاذه اليوم و كله على حساب المواطن اللبناني و خزينته المتهالكة  .

بالطبع ليس المقصود ابداً من هذا المقال تبرير الفساد و الفاسدين و الذين يجب محاسبتهم عاجلاً أم آجلاً على ما اقترفوه ليكونوا عبرة للآخرين .. المطلوب فقط وضع الأمور في نصابها الصحيح و قول الحقيقة كما هي ليعرف اللبنانيون و بعمق ما حصل فعلا في وطنهم .

كل من يقول أن ازمتنا ناتجة عن سوء ادارة و فساد فقط هو مراوغ و لا يريد ان يعترف بالحقيقة .

منهم من يخاف من حزب الله و يسايره و يحصر المشكلة بالفساد و منهم من لا يريد ان يزعج النظام السوري فيفعل ذلك ايضا و لكل واحد سبب خاص به و بمصالحه .

من هنا رأينا الجميع تقريباً من سياسيي السلطة الى التغييريين يسلكون أسهل الدروب و هي الاتفاق الضمني  فيما بينهم أو أقله التلاقي الموضوعي بين بعضهم على تحميل موضوع الفساد اكثر مما يحتمل و رمي كل شيء عليه و تحييد أي أمر آخر  .

بالنهاية اثبتت كل التجارب و آخرها الانتخابات النيابية اننا شعب ثرثار مرواغ يحب الشعارات الفارغة و يكره الحقيقة او يخاف منها لذا ربما لن تكون لما قيامة بعد اليوم قبل الاعتراف الصريح و الواضح بعللنا و مشاكلنا كما هي من دون مراوغة أو مسايرة أو نفاق .
Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top