إطلاق النار على مقر حزب «الكتائب» (البيت المركزي) في وسط العاصمة بيروت، وان لم يستهدف أحدا في المبنى او حراسه، إلا انه أعطى إشارات سلبية يمكن ان يبنى عليها. وقد تحركت القوى الأمنية لكشف الفاعلين، بعدما تحددت مواصفات السيارة التي استقلها من أطلق النار.
ورأت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» ان «القبض على مطلقي النار، سيظهر إذا ما كانت العملية فردية وحالة منعزلة عن مسار الوضع العام في البلاد».
وأضافت: «ان عدم معرفة هوية الفاعلين يؤشر إلى أصابع فتنة تريد توجيه اكثر من رسالة، خصوصا ان الحرب اللبنانية بدأت في العام 1975 بإطلاق النار على مكتب لحزب الكتائب (في عين الرمانة، قبل الرد بإطلاق النار من مناصري الحزب على البوسطة الشهيرة)».
سياسيا، تتجه الأنظار إلى مسعى سفراء «اللجنة الخماسية» خصوصا التحركات المنفردة، كل باتجاه كما أشارت «الأنباء»، وقد أكد ذلك أكثر من مصدر أمس.
وقال مصدر مسؤول لـ «الأنباء» ان سفراء اللجنة في سباق مع الوقت، «وعليهم بلورة تصور واضح خلال الأيام المقبلة والفاصلة عن نهاية شهر مايو الجاري، حتى ان كانت هذه المهلة هي مهلة حث وليست وقفا للمساعي، وان المطلوب توجيه دعوة إلى الأطراف للتشاور بعد الاتفاق على آلية هذا الاجتماع، ومن سيدعى إليه والمدة الزمنية التي سيستغرقها».
وتشير المصادر إلى ان الدعوة ستكون من خلال رئيس المجلس النيابي نبيه بري مباشرة، او من خلال دوائر المجلس «وإلا فإن عقبة جديدة ستكون أمامها، وان سفراء اللجنة يحبذون ذلك من منطلق ان الموضوع الرئاسي هو مسؤولية لبنانية، وعلى الأطراف اللبنانية تحملها. وقد أكد قادة هذه الدول على ذلك أكثر من مرة، وأن دور اللجنة هو المساعدة في تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر وليس القيام بالدور الذي هو من صلب مسؤوليات القادة اللبنانيين».
وأكد المصدر لـ «الأنباء» ان السفراء في اللجنة «تلقوا ضمانات أكيدة بفصل موضوع الاستحقاق الرئاسي عما يجري على الحدود، عكس ما يشيع البعض بأن كل المساعي والاتصالات هي لكسب الوقت في انتظار معرفة ما ستؤول إليه نتائج هذه الحرب، والتي قد يبنى على نتائجها الكثير من الأمور».
في المقابل، كشف سياسي لبناني مرشح للعب دور فاعل في العهد الرئاسي الجديد لـ «الأنباء» عن «عدم إحداث تبديل في المشهد السياسي اللبناني قبل نهاية الحرب في الجنوب».
إلا ان السياسي المعني، أكد «تقدم المفاوضات الخاصة بوضع ترتيبات تلي الحرب في جنوب لبنان». ورأى «ان العرقلة ليست من حزب الله، بل من الطرف الإسرائيلي الذي يحاول باستمرار إيجاد مساحة للتملص من الاتفاقات الدولية، على أمل تحسين شروطه في مراحل لاحقة».
ولاحظ «وجود تناقض في روزنامات العمل بين الأميركيين الذي يربطون الاستحقاق الرئاسي بوقف الحرب في الجنوب كحزمة واحدة، وبين حزب الله، الذي لا يمانع في إحداث خرق إيجابي في الملف الرئاسي، دون ربطه حكما بوقف الحرب جنوبا، والتي يشترط الحزب قبل أي شيء وقفا شاملا للنار في غزة. من هنا إمكان تعليق الخطوات الخاصة بالملف الرئاسي، مع الاندفاع في وضع ترتيبات خاصة بوقف الحرب، وحسم الخلافات الحدودية بين لبنان وإسرائيل، والتي تحتاج في مرحلة لاحقة إلى وجود رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة للمصادقة عليها، والعمل على تنفيذها».
مصدر آخر تحدث لـ «الأنباء» عن المشهد الجنوبي فقال: «ان المعارك في الجنوب والمرتبطة حكما بمسار الحرب في غزة، لا يعرف سقفها الزمني وقد تستمر حتى نهاية السنة وربما أكثر، وبالتالي لا يمكن إبقاء البلد في حالة من الشلل في مؤسساته، إذا كانت هناك فرصة لإخراج البلد من أزماته».
وفي الوقت الذي يستمر التصعيد في الجنوب، وعلى الرغم من تغير «قواعد الاشتباك» ولو في شكل غير معلن وتوسعه لجهة المساحة الجغرافية التي تطولها الغارات والصواريخ أو نوع الأسلحة التي تستخدم فيها، فإنها تبقى تحت السقوف التي تحول دون الحرب الشاملة.
وترى المصادر أن التهديدات الإسرائيلية المتكررة، وآخرها دعوة وزير المال الإسرائيلي إلى دخول لبنان، تأتي في إطار الاشتباك السياسي داخل حكومة بنيامين نتنياهو التي أصبحت التناقضات فيها ظاهرة للعيان، ولا يمكن إخفاؤها مع تبادل الوزراء الاتهامات عن المسؤولية في التقصير، ومع تهديد أكثر من وزير بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها للذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة.
في أي حال، تبقى تطورات الميدان العسكرية على حالها: غارات إسرائيلية وردود من «حزب الله»، وتبادل للقصف بالمدفعية والصواريخ.
وفي المشهد الأبرز، غارتان على حي سكني في الناقورة (على ساحل المتوسط)، قبل ظهر أمس، ثم بعدها غارة على بلدة ميس الجبل، وأفيد عن سقوط 3 ضحايا في الغارتين.
كما استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي أطراف بلدتي راشيا الفخار وكفرشوبا – قضاء حاصبيا، ووادي هونين وأطراف مركبا.