أثار تقرير كشف عنه أخيراً عبر الإعلام اللبناني، متعلق بإنشاء مخيم مغلق للنازحين السوريين العلويين في منطقة الهرمل (شرق لبنان) بإشراف من قبل “حزب الله”، موجة واسعة من القلق، لا بسبب طبيعة المخيم وحسب، بل بسبب التوقيت والموقع والسياق السياسي الذي يرافقه. ففي وقت يروج حلف “الممانعة” عبر أذرعه الإعلامية لتحذيرات متكررة من خطر عودة تنظيم “داعش” و”المجموعات المتشددة” على الحدود الشرقية، يجري في المقابل إنشاء بيئة طائفية موصدة، لا تخضع لسلطة الدولة اللبنانية وعلى تماس مباشر مع المناطق السورية غير المستقرة.
هذا التناقض الفج بين الخطاب الإعلامي التحذيري من جهة، والممارسة الميدانية المتمثلة في نقل مجموعات سكانية موالية للنظام السوري السابق إلى داخل الأراضي اللبنانية من جهة أخرى، يطرح تساؤلات خطيرة حول الأجندة الحقيقية لهذا التجمع السكاني ودوره المستقبلي في معادلة الأمن الحدودي، بل في التوازن الديموغرافي داخل لبنان نفسه. فهل نحن أمام استباق لتغيرات محتملة في الميدان السوري؟ أم أن المخيم يشكل نواة بنية أمنية بديلة تابعة لمحور إقليمي يُعاد ترسيخه من بوابة البقاع اللبناني؟
في السياق غاب لبنان الرسمي عن التعليق على إنشاء المخيم في تلك المنطقة النائية من الهرمل، ولكن هذا الغياب وبحسب متابعين ليس عابراً ولا بريئاً، بل يعكس أبعاداً متشابكة من الواقع السياسي اللبناني.
غياب الدولة عن مناطق “السيادة الحزبية”
كثيراً ما مارست الدولة اللبنانية ومنذ أعوام، نوعاً من الحياد القسري في مناطق يسيطر عليها “حزب الله”، ولا سيما في بعلبك – الهرمل، وتعد هذه المناطق خارجة فعلياً عن القرار الرسمي وتحكمها بنية أمنية وعسكرية واجتماعية تتبع للحزب، بالتالي لا تملك الدولة الأدوات أو الإرادة السياسية لمواجهة أو حتى مساءلة ما يجري فيها. والتعليق على مثل هذا الحدث يعد بمنزلة اعتراف رسمي بوجود خرق للسيادة، مما تتحاشاه الدولة كي لا تفضح عجزها علناً.
كما أن هذا الصمت الرسمي يعود لنتيجة الخشية من أية مواجهة مباشرة مع “حزب الله”، وأي تصريح ينتقد إقامة مخيم خارج القانون، أو يطرح أسئلة حول تركيبته الطائفية أو الجهة التي تديره، سيعتبر تحدياً مباشراً للحزب، وقد يفتح الباب لتصعيد سياسي أو إعلامي، وربما أمني. وفي ظل الانقسام الطائفي والضعف المؤسساتي، والتحذيرات الدولية من الخطر الوجودي على الكيان اللبناني من الإبقاء على سلاح الحزب، والتراخي والمماطلة في إيجاد الحلول المباشرة والجدية لمعضلة السلاح، يفضل المسؤولون في الدولة سياسة “النأي بالنفس عن الداخل”.
صمت رسمي متواطئ
في المقابل لا تزال قوى سياسية لبنانية عدة تنظر إلى النزوح السوري من زاوية طائفية، وبما أن المخيم يضم علويين موالين للنظام السوري، ضمن بيئة شيعية موالية لـ”حزب الله”، فإن أطرافاً عدة تعتبر أن هذا الملف “لا يعنيها مباشرة”، مما يفسر هذا الصمت المتواطئ، في مقابل تحركات أكثر صخباً عندما يتعلق الأمر بمخيمات نازحين سنّة في عرسال أو عكار. وغياب الدولة عن التعليق على هذا الحدث الخطر لا يعني الجهل بوجوده، بل هو قرار سياسي مقصود، يقوم على مزيج من العجز والخوف والتواطؤ، ولكن هذا الصمت يشكل بحد ذاته رسالة مفادها بأن هناك مناطق في لبنان باتت تدار بعقيدة المحور لا بعقيدة الدولة، وأن ملف النزوح السوري لم يعُد إنسانياً أو ديموغرافياً فقط، بل بات ورقة في لعبة النفوذ الإقليمي المتصاعدة على الأرض اللبنانية.
تقول مصادر سياسية لبنانية مواكبة لـ”اندبندنت عربية” “إن الأمر مضخم قليلاً وإن الحزب كان ولا يزال يقدم مساعدات إلى النازحين الشيعة فقط، سوريين ولبنانيين، ولا يقدم أي شيء للنازحين العلويين، مما خلق نقمة أو أقله عتباً شديداً لدى هؤلاء، إذ اعتبروا أن الحزب يقدم مساعدات إلى الشيعة وليس إلى العلويين. وربما يعود ذلك لإمكانات الحزب خلال هذه الفترة”. وتتابع المصادر نفسها أن “النازحين العلويين الذين قدموا إلى لبنان بعد سقوط نظام بشار الأسد هم من الفئة الميسورة، ومن بينهم ضباط سابقون ومحامون وأطباء وموظفون، أي إنهم ليسوا معدومي الحال كما بقية النازحين”، مضيفة أن “الشيعة السوريين الذين يساعدهم الحزب هم مجندون أو منظمون من قبله”. وعن إمكان أن يكون هذا المخيم المسوّر الذي يمنع الإعلام من الاقتراب منه، بؤرة للتدريب والتسلح؟ تعلق تلك المصادر أن “لا معلومات دقيقة لديها حول هذا الموضوع”.
الموقع والإشراف
وبحسب الصحافة والإعلام اللبنانيين، فإن المخيم يقع في منطقة حدودية ضمن نطاق الهرمل، قرب مجرى نهر العاصي، في أراضٍ زراعية بعيدة من أعين الدولة اللبنانية والمنظمات الدولية. وأُنشئ برعاية مباشرة من “حزب الله”، وهو غير مدرج ضمن سجلات “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” ولا يخضع لأية رقابة من المؤسسات الرسمية اللبنانية.
وتقول مصادر محلية لـ”اندبندنت عربية” تمنت عدم ذكر اسمها، إن المخيم يستضيف نازحين سوريين من الطائفة العلوية، معظمهم من مؤيدي النظام السوري السابق، ولا ينتمون إلى الفئات التقليدية للاجئين في لبنان، بل جرى استقدامهم إلى هذه المنطقة، تحديداً بسبب قربهم الأيديولوجي والعقائدي من محور إيران-“حزب الله”- بشار الأسد. وكانوا نزحوا من مناطق الساحل السوري، بخاصة بعد تفاقم التوتر الطائفي خلال الفترة الأخيرة.
أما بالنسبة إلى التمويل والإدارة، فالمخيم ممول بطبيعة الحال من جهات مرتبطة بـ”حزب الله”، بما في ذلك جمعيات دينية وخيرية تعمل في لبنان وسوريا. ويُدار المخيم بصورة شديدة الانضباط، مع رقابة أمنية صارمة على مداخله ومخارجه، كما أن عمليات الدخول والخروج مرصودة، ويمنع تصويره أو الدخول إليه من قبل الصحافة أو المنظمات الدولية. وعلى رغم تواضع منشآته، إلا أنه يتمتع ببعض مظاهر التنظيم، كخيم مدعمة ومولدات كهرباء وشبكات مياه بدائية وبعض المراكز الطبية الصغيرة بإشراف الحزب، ولا توجد مدارس رسمية أو مناهج تعليمية معترف بها، وغالبية التعليم يتم عبر حلقات داخلية غير مرخصة.
ويفرض “حزب الله” رقابة مشددة على السكان، بما يشمل تفتيشاً دوري للهواتف والأغراض الشخصية وإبلاغ الأجهزة الحزبية بأي تحرك غير مألوف. ولا يتلقى السكان مساعدات من المنظمات الدولية ويعيشون في عزلة عن باقي مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان التي تضم بغالبيتها نازحين من الطائفة السنية.
“اندبندنت عربية” حاولت التواصل مع المتحدثين باسم “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” للاطلاع على حقيقة الوضع على الأرض، لكنها لم تلقَ إجابة.
“الثنائي الشيعي” احتضن النازحين السوريين الشيعة
وسألت “اندبندنت عربية”، الإعلامي والمحلل السياسي ابن منطقة بعلبك (شرق) فادي أبو دية الذي أشار إلى أن “القناة والصحيفة اللبنانيتين اللتين أثارتا الموضوع، ومعهما جوقة من الإعلاميين والمنجمين، يحاولون دائماً تسويق أفكار ترضي إسرائيل بالدرجة الأولى، وهذه الأفكار تقوم على أن الجميع في لبنان متوافقون على نزع السلاح، وهذا كلام غير صحيح. هناك جزء من اللبنانيين يريد نزع السلاح، ولكن الجزء الأكبر لا يريد ولن يقبل بنزع السلاح، وهم ليسوا من طائفة واحدة”. ويتابع أبو دية أن “الشيعة الذين جاؤوا من سوريا إلى لبنان يشبهون السنّة الذين جاؤوا من سوريا إلى لبنان، عندما كانت الظروف لا تناسبهم، والتصويب على الشيعة والمخيمات في الهرمل، وأنها تحت إشراف ‘حزب الله’، فذلك مرده أن هناك فئات نزحت ولم ترعَهم المنظمات الدولية، ربما بسبب حقدهم على هذه الطائفة، وربما لأنهم يريدون لهم أن يبقوا في سوريا ليذبحوا من قبل النظام كما حصل في الساحل السوري. بالتالي فإن التعاطي مع هؤلاء كان كيدياً ولا علاقة له بالإنسانية التي تدعيها المنظمات الدولية”. ويضيف أبو دية، “كان لا بد للثنائي الشيعي (‘حزب الله’ وحركة أمل) ولكل الهيئات والمواطنين من أن يحتضنوا هؤلاء النازحين الهاربين من مقصلة الذبح. وهم ليسوا في خيم، ولا تحت إشراف ‘حزب الله’، بل تحت احتضان ‘بيئة المقاومة’ وهذا شيء طبيعي، وهذه التلفيقات التي تسوقها بعض القنوات وبعض الإعلاميين تخرج من مطبخ واحد وهو المطبخ الإسرائيلي”.
بؤر أمنية حساسة
في المقابل كشف نجل الرئيس السابق لمجلس النواب اللبناني صبري حمادة والمتحدر من الهرمل علي حمادة خلال لقاء إعلامي، عن قيام “حزب الله” بإنشاء مخيمات سكنية شرعية في منطقة الهرمل، على بعد نحو خمسة كيلومترات من الحدود اللبنانية- السورية، بهدف إيواء نازحين سوريين من الطائفتين الشيعية والعلوية، من دون المرور بأي من الإجراءات القانونية والإدارية المتبعة. واعتبر حمادة أن هذا التصريح بمثابة إخبار للدولة اللبنانية، لما يمثله من تدخل في ملف سيادي وحساس يتعلق بالعلاقة مع الدولة السورية، مشيراً إلى أن بعض النازحين قد يكونون متورطين بملفات أمنية أو جنائية في سوريا، مما يشكل خطراً محتملاً على الأمن اللبناني.
ولفت إلى أن هذه الخطوة التي أقدم عليها “حزب الله” تتعارض مع السياسة الرسمية للدولة اللبنانية التي تعمل على تنظيم عودة النازحين السوريين وتحدّ من وجودهم غير المنظم على الأراضي اللبنانية، متسائلاً عن أولويات الحزب، خصوصاً أنه لم يبادر حتى اللحظة إلى إعادة إعمار منازل اللبنانيين المتضررين في بيروت أو الجنوب أو البقاع، في وقت ينشئ مخيمات إسكان مخصصة للسوريين.
وأعرب عن اعتقاده حمادة بأن “هذه المخيمات التي أقيمت من دون تنسيق مع الوزارات أو البلديات المعنية، قد تسهم في تشكيل بؤر أمنية حساسة يصعب ضبطها لاحقاً”، مطالباً الجهات المعنية، خصوصاً وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والقضاء اللبناني، بـ”اتخاذ الإجراءات المناسبة لمتابعة هذا الإخبار والتحقيق في خلفياته ومدى مطابقته للواقع ومحاسبة من تثبت مسؤوليته عن أية تجاوزات للقانون”. وأكد أن السكوت الرسمي عن هذه المسألة “لن يكون مقبولاً” وأن ما يجري “يتجاوز فكرة المساعدات الإنسانية إلى مشروع مبيّت يهدد السيادة الوطنية وتوازنات الدولة اللبنانية”.
أخطار المخيمات العلوية في الهرمل وسط التهديدات عبر الحدود
يمثل هذا المخيم أحد مظاهر التمدد الإيراني في لبنان، ليس فقط عبر السلاح، بل من خلال نقل بيئة اجتماعية موالية لإيران إلى مناطق لبنانية حدودية حساسة. ويعكس وجود هذا المخيم تغيراً استراتيجياً في طريقة استخدام “حزب الله” للنازحين كأداة ديموغرافية وجيوسياسية، في منطقة تعد أصلاً معقلاً تقليدياً للحزب.
وتحولت منطقة بعلبك – الهرمل خلال الأعوام الأخيرة إلى نقطة ارتكاز جديدة لنفوذ الحزب، ليس عسكرياً وحسب، بل أيضاً ديموغرافياً واجتماعياً. واليوم وعبر إنشاء مخيمات مغلقة لإيواء نازحين سوريين من الطائفة العلوية والشيعية هُجروا بفعل الصراع الطائفي في الداخل السوري، فإن الخطر والقلق يكمنان في أن هذه المخيمات تدار خارج سلطة الدولة اللبنانية وتقع على مقربة مباشرة من الحدود السورية ضمن مناطق تتسم تاريخياً بالحساسية الطائفية والجغرافية.
وتتفاقم الأخطار إذا ما أخذنا في الاعتبار ما يجري على الضفة المقابلة من الحدود، في الأراضي السورية، حيث تنشط فصائل سنّية “متشددة”، بعضها ذو خلفية شيشانية أو أوزبكية، خصوصاً في مناطق تمتد من ريف حمص الشرقي إلى البادية السورية، وهي فصائل كثيراً ما نظرت إلى “حزب الله” والعلويين على أنهما “هدف مشروع” لها.
ولا يعتبر المخيم تجمعاً عشوائياً للنازحين، بل هو مشروع مدروس من “حزب الله”، يخدم أهدافاً أمنية وطائفية. ويسكن فيه نازحون علويون اختيروا بعناية من بيئة موالية للنظام السوري، بما يضمن إخضاعهم الكامل للحزب، وقدرتهم على الانسجام في منطقة تعتبر جزءاً من الحاضنة الشيعية في لبنان. وبما أن المخيم يدار عبر جهاز أمني حزبي، يمنع على منظمات الإغاثة أو الصحافة دخوله، مما يعكس درجة عالية من التعتيم. وهذه الخصوصية تضع المخيم في خانة “الكيانات المغلقة” التي يصعب تتبع ما يجري داخلها من نشاطات تنظيمية أو تدريبية، أو حتى تحضيرية لأي تحرك عسكري.
الخطر عبر الحدود
وعلى الجهة السورية المقابلة من الحدود، لا تزال بعض الجيوب الخارجة عن سيطرة النظام السوري حاضنة لفصائل ذات طابع سلفي متشدد، أبرزها مجموعات شيشانية من مقاتلي “جند الشام” و”جند الله”، وخلايا نائمة كانت على ارتباط سابق بـ”داعش” و”جبهة النصرة”، وغيرها من الفصائل التي تعتبر الشيعة والعلويين “عدواً طائفياً مباشراً”، ويمكن لأي توتر أن يعيد تحريك خطوط النار القديمة بين هؤلاء و”حزب الله”، أو حتى استهداف المدنيين داخل هذه المخيمات كوسيلة لإشعال فتنة جديدة.
وكانت معلومات صحافية نقلت أن دمشق عززت من انتشار قوات الدفاع والداخلية على الحدود اللبنانية في الجهة المقابلة لمنطقة راشيا، وصولاً إلى القاع والقصر، لكن اللافت أنها دفعت مجموعات من المقاتلين الأجانب، وهم بحسب المصادر، يتحركون بصورة علنية ومثيرة للارتياب.
نقاط الخطر الرئيسة
ومع غياب الدولة اللبنانية والفراغ الأمني الرسمي، يتحول المخيم إلى بيئة خصبة لأي نشاط استخباراتي أو عسكري. كما أن قرب المخيم من مناطق انتشار الفصائل في سوريا يجعله عرضة لعمليات تسلل أو قصف أو تفجيرات عبر الحدود. أضف إلى ذلك أن التركيبة العلوية المحضة للمخيم، ضمن منطقة ذات غالبية شيعية، توفر أرضاً خصبة لاستثمار أية حادثة أمنية في إذكاء الانقسام المذهبي. وفي حال حصول توتر إقليمي أو انهيار أمني داخلي، يمكن استثمار هذا المخيم كخزان بشري رديف لـ”حزب الله”. وربما يتحول السكان أنفسهم إلى وقود في صراع لا يملكون فيه قراراً، سواء عبر استخدامهم دروعاً بشرية، أو عبر تصفية من يشتبه في عدم ولائه الكامل للحزب.
السيناريوهات المحتملة
ومن هذه الزاوية، قد تقوم بعض الخلايا المتطرفة بعمليات تفجير أو تسلل باتجاه المخيم، مما يفتح جبهة جديدة لـ”حزب الله” في منطقة يحاول تحييدها عسكرياً. كما أن أي توتر أو انفجار للوضع الداخلي في لبنان، قد يؤدي إلى استهداف هذا المخيم من قبل فئات لبنانية ترى فيه “توطيناً مقنعاً” لطائفة مرتبطة بـ”عدوها” السياسي. ومن المحتمل أن تستخدم إيران هذه المخيمات لتجنيد عناصر جديدة، بخاصة من الشباب، ضمن منظومة الحرس الثوري أو الميليشيات الرديفة في سوريا والعراق.
من هنا فإنه من الضروري بمكان أن يُفتح هذا الملف أمام الإعلام المحلي والدولي للكشف عما يجري في هذه المناطق الخارجة عن السيادة اللبنانية، ومطالبة مفوضية اللاجئين بموقف واضح من هذه المخيمات التي لا تخضع لأي إشراف إنساني أو قانوني. أضف إلى ذلك، الضغط على الدولة اللبنانية لفرض رقابة مشتركة على أي مخيم غير معترف به رسمياً، ولا بد من التنبّه من إعادة تشكيل “جيوب أمنية” قابلة للاشتعال الطائفي قد تتحول لاحقاً إلى خطوط تماس بين السنّة والشيعة في تلك المنطقة.
في المحصلة فإن المخيمات الطائفية المغلقة على غرار مخيم الهرمل، الواقعة على خطوط تماس حدودية، تمثل قنابل موقوتة في قلب مشهد أمني هش أصلاً، والتهديد لا يكمن فقط في من يسكن هذه المخيمات، بل في من يديرها ومن يستخدمها، وفي من قد يهاجمها. وغفلة الدولة عنها ليست بريئة، بل تعكس هشاشة القرار السيادي في مناطق باتت خارج السيطرة، وتدار من وكلاء لمحاور خارجية، كما أن انعدام الرقابة الدولية يعرض السكان لانتهاكات حقوقية يصعب توثيقها أو متابعتها.