تحت عنوان “حزب الله يُحافظ عن عمد على الغموض بشأن ترسانته”.. أشارت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إلى التحذير الذي وجّهه أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمناسبة ذكرى تحرير جنوب لبنان: “عليكم انتظار المفاجآت”.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أنه، بعد نحو نصف قرن، أصبح سيناريو الغزو الإسرائيلي الجديد لجنوب لبنان مطروحاً على الطاولة. ويكمن الخطر في تصاعد المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل منذ أن اختار حليف “حماس” وطهران، بعد 7 أكتوبر الماضي، فتح “جبهة دعم” للفلسطينيين. ولكن أيضًا بالنسبة إلى خيار إسرائيلي محتمل “بالذهاب إلى هناك” لإعادة التفوق الإستراتيجي الإسرائيلي بشكل لا لبس فيه: “سيكون من الأفضل الانتظار، ولكن سيتعين علينا خوض هذه الحرب عاجلاً أم آجلاً”، كما أعلن المستشار الإسرائيلي السابق للأمن القومي يعقوب عميدرور، الذي ستكون الحرب مكلفة بالنسبة له، لأن “حزب الله أقوى بعشر مرات من حماس”.
وأضافت “لوفيغارو” أن “حزب الله” هو أقوى حزب سياسي في لبنان، ويمتلك واحدة من أفضل القوى غير الحكومية تسليحاً في العالم. ويصنف على أنه جماعة إرهابية، أو فرعه العسكري فقط، من قبل العديد من الدول.
وتابعت الصحيفة الفرنسية القول إن الحفاظ على الغموض بشأن الطبيعة الدقيقة لترسانته يعد جوهر إستراتيجية الردع التي يتبعها “حزب الله” ضد الجيش الإسرائيلي.
وتتعلق التكهنات بشكل خاص بقدراته الدفاعية المضادة للطائرات في مواجهة التفوق الإسرائيلي الساحق في السماء، وحالة تطوير صواريخه الروسية أو الإيرانية المضادة للسفن، القادرة على الوصول إلى منصات الغاز البحرية على وجه الخصوص، والطائرات بدون طيار التي ينتج منها أنواعاً معينة، وقبل كل شيء، مستوى التقدم في مشروع تجهيز الصواريخ والقذائف بأنظمة تحكم عن بعد دقيقة، والتي تدعمها إيران منذ سنوات.
فخلال ثمانية أشهر من الأعمال العدائية مع إسرائيل، توازياً مع الحرب على غزة، أكد “حزب الله” على أنه فاعل مركزي في “محور المقاومة” في مواجهة إسرائيل ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، توضّح “لوفيغارو”، مضيفةً أن ترسانة “حزب الله” لم تَعد لها أي علاقة بتلك التي كانت موجودة في التسعينيات، حتى لو كان الخبراء العسكريون قد لاحظوا في ذلك الوقت احترافية رجالها وإتقانهم “للأجهزة المتفجرة المرتجلة” خلال آلاف العمليات ضد المحتل الإسرائيلي. كما تطورت بشكل ملحوظ منذ حرب صيف 2006، وهي آخر مواجهة كبرى له مع إسرائيل.
فقد بات باستطاعة “حزب الله” الاعتماد على قوات متزايدة ومتمرسة، خاصة بسبب تورطها في سوريا، لدعم نظام بشار الأسد، وترسانة باليستية قادرة على ضرب أهداف إستراتيجية في عمق الأراضي الإسرائيلية، ويتفق العديد من التقارير حول هذا الموضوع، تتابع الصحيفة الفرنسية.
وإذا كان عدد مقاتلي “حزب الله” أقل من 5 آلاف قبل عام 2006، فقد زاد تسعة أضعاف على الأقل منذ ذلك الحين. ففي عام 2022 كان لديه “45 ألف مقاتل، مقسمين بين حوالي20 ألف متفرغ و25 ألف جندي احتياطي”، بحسب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، التي تقدّر مقاتلي “حزب الله” بأقل من 100 ألف مقاتل التي أعلن عنها حسن نصر الله في عام 2021. وقد خسر “حزب الله” أكثر من 300 من رجاله خلال الصراع الدائر، تُشير “لوفيغارو”.
ومضت “لوفيغارو” موضّحة أن هذه القوة شبه العسكرية (حزب الله) هي قبل كل شيء مجهزة بشكل أفضل بكثير، لأنها أول من يستفيد مما يصفه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) بإستراتيجية إيران الخاصة بالانتشار النووي، والتي بدأت منذ حوالي عشرين عامًا في وجهة فروعها الإقليمية. ونقل المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، في تقرير حول إيران،
عن القائد السابق لبرنامج الصواريخ الإيراني حسن مقدم قوله: “في جنوب لبنان، المسافة بيننا وبين تل أبيب وحيفا لا تتجاوز 150 كيلومتراً. لماذا نضرب إسرائيل بصواريخ باهظة الثمن يصل مداها إلى 2000 كيلومتر؟”.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه، منذ أكتوبر/تشرين الأول، استخدم “حزب الله” بشكل رئيسي صواريخ الكاتيوشا “القديمة”، ولكن أيضاً صواريخ بركان الإيرانية الأحدث، التي تستخدمها أيضاً جماعات مسلحة أخرى، مثل الحوثيين اليمنيين.
الخبراء يدققون في كل ما هو جديد. ومن بينها الصاروخ الإيراني القوي الموجه المضاد للدبابات ألماس، وهو نسخة من سبايك الإسرائيلي. أو حتى طائرات بدون طيار. “قد استخدموا الكثير منه. خاصة النوعين اللذين يسميهما الحوثيون قاصف وخاطف”، بحسب فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.
في الوقت الحالي، تتابع “لوفيغارو ”، يتلقى “حزب الله” الكثير من الضربات، في مواجهة تتمتع فيها إسرائيل بميزة واضحة، لأنها لا تشارك فيها بقوات برية. والتفوق في مجال الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة أمر لا جدال فيه. بالإضافة إلى التصفية المستهدِفة لضباط “حزب الله”، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل خاص بتدمير موقع لإنتاج الأسلحة يقع في بلدة النبي شيت بشرق لبنان.
فإذا كان قد تم اختبارها، فإن قدرة الردع لدى “حزب الله” تظل قائمة على إمكانية إطلاق وابل من الصواريخ في العمق قادرة على الوصول إلى أي نقطة، بما في ذلك البنية التحتية المدنية والعسكرية الإسرائيلية، تؤكد “لوفيغارو”. وقد تتعرض الدفاعات الإسرائيلية لخطر التشبّع وعدم القدرة على التمييز بين أيّ من هذه الصواريخ مجهز بتوجيه دقيق، وأيّها غير مجهز.