قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن إيران تشعر بالقلق بشكل خاص بشأن التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل، مشيرة إلى أن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، كان قد اعتبر في سبتمبر الماضي، من منبر الأمم المتحدة في نيويورك، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي سيكون “طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية”.
وأضافت الصحيفة بالقول إن الخطر يعد جدياً إلى الحد الذي جعل كبار القادة الإيرانيين يرفعون أصواتهم، في مقدمتهم رئيسي الذي انتقد يوم الأحد الماضي، الدولَ العربية التي تسعى لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، العدو اللدود لطهران، معتبراً أن “تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني هو عمل رجعي لأي حكومة في العالم الإسلامي”، مضيفا أن “الحل للقضية الفلسطينية لا يكمن في التنازل والاستسلام، بل المقاومة”.
بدوره، اعتبر المرشد الأعلى والرجل الأول في النظام، آية الله علي خامنئي، أمس الثلاثاء، أن هذه الدول “ستكون الخاسرة لأنها تراهن على الحصان الخطأ”. ونظراً لتكثيف الاتصالات عبر الولايات المتحدة بين الرياض وتل أبيب، فقد فهم الجميع أن إيران تستهدف السعودية التي جددت طهران علاقاتها الدبلوماسية معها قبل ستة أشهر، بعد ست سنوات من القطيعة.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أنه حتى الأشهر الأخيرة، بدا المسؤولون الإيرانيون وكأنهم يرفضون أن يأخذوا على محمل الجد الشائعات حول إعادة توزيع الأوراق في الشرق الأوسط والتي من شأنها أن تؤدي إلى السلام السعودي الإسرائيلي، مشيرة إلى المقابلة التي أجرتها في نهاية شهر مايو الماضي مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، والتي قال فيها: “لا أرى أي علامة على التطبيع بين السعودية وإسرائيل”.
وذكّرت الصحيفة الفرنسية بعودة التواصل التي تمت بشكلٍ مذهل بين إيران والسعودية تحت رعاية الصين، موضّحة أن طهران تأمل، قبل كل شيء، من هذا التقارب في استثمارات من المملكة السعودية، ومن خارج الخليج، لإنعاش اقتصادها الذي بدأ يفقد قوته.
ونقلت “لوفيغارو” عن دبلوماسي أوروبي في العاصمة الإيرانية قوله: “بفضل هذا الغطاء السعودي الجديد، يستبعد القادة الإيرانيون هجوما إسرائيليا”.
ومضت “لوفيغارو” قائلة إنه بعد ثلاث سنوات من اتفاقيات أبراهام، التي سمحت لإسرائيل بتطبيع علاقاتها مع أربع دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب والسودان)، أصبحت إيران القوة الرئيسية المدافعة عن القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط، وعن حركة حماس التي تدير قطاع غزة. وفي مواجهة العالم العربي الذي تبنت غالبيته فكرة التعايش السلمي مع الدولة اليهودية، ترى إيران نفسها رأس حربة “محور المقاومة” لإسرائيل وحليفتها التاريخية الولايات المتحدة.
وواصلت “لوفيغارو” مذكِّرةً أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية تجنب الرّد عندما سُئل في شهر مايو الماضي عما إذا كان التطبيع السعودي- الإسرائيلي سيؤدي إلى القطيعة مع الرياض في ذلك الوقت، بدا مثل هذا الاحتمال من المحرمات. وحين دعا رئيس الحرس الثوري السابق مقدم كناني، على شاشة التلفزيون الإيراني، إلى تجميد المصالحة مع السعودية في حال تطبيعها مع العدو الإسرائيلي، “تلقى بطاقة حمراء” من قمة الدولة، أي حاشية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، كما كشفت مصادر لـ“لوفيغارو”. وكانت الرسالة واضحة: “نحن نلتزم الصمت، حتى لو كانت لدينا تحفظات على التقارب بين إسرائيل و السعودية”، كما توضح الصحيفة الفرنسية.
واعتبرت “لوفيغارو” أن التصريحات الأخيرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان على قناة فوكس نيوز الأمريكية، بأن بلاده “تقترب كل يوم ”من التطبيع مع إسرائيل، تهدد بإعادة إطلاق الجبهة المناهضة للسعودية في إيران.
لكن هل تستطيع إيران، التي تبحث أكثر من أي وقت مضى عن التمويل السعودي، أن تذهب إلى ما هو أبعد في إثارة غضبها؟ تتساءل الصحيفة الفرنسية.
ردا على هذا السؤال، تنقل الصحيفة عن خبير خليجي لم تذكر اسمه قوله: “كل شيء سيعتمد على عمق التقارب السعودي الإسرائيلي. إذا كان الأمر يتعلق فقط باستثمارات إسرائيلية في منطقة حرة سعودية وفتح سفارة إسرائيلية في الرياض، فهذا ليس بالأمر الكبير بالنسبة لطهران. ومن ناحية أخرى، إذا كان هناك أمن وتسليح في اتفاق التطبيع، فسيكون الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لإيران، و من الصعب عليها أن تبتلعه”.
ويضيف هذا الخبير الخليجي أن “الخط الأحمر الإيراني هو رؤية الإسرائيليين ينسقون أو يشاركون في التحركات السعودية الخارجية: عمليات في لبنان أو سوريا، حيث توجد طهران في وضعية قوة”.