المشترك بين هذه الأحداث و التي تركزت بمعظمها في المناطق المسيحية مؤخراً هو الصمت المطبق لبعض الشركاء ( الذين من المفترض تصنيفهم ضمن الخيار السيادي ) و عدم إدانة تلك الحوادث أو حتى التحدث عنها .
نتكلم تحديداً عن القيادات الأساسية للطائفتين السنية و الدرزية مع بعض الاستثناءات كالنائب أشرف ريفي و النائب مارك ضو و غيرهم ، سنتحدث في مقالنا عن هذا الموضوع الذي ترك جرحاً عميقاً خاصة لدى المسيحيين السياديين الذين وقفوا الى جانب تلك الطوائف في أحلك ظروفها و ساندوها عندما تعرضت للإعتداء من الممانعين و في محطات شتى .
مستغرَبة هي بعض التصريحات الخجولة و العامة للمسؤلين الإشتراكيين حول أحداث الكحالة و قبلها أحداث أخرى و مستغرب أيضاً صمت قيادات سنية أساسية حول تعرض مسيحيي لبنان للإعتداء و اعتبارهم أن الصراع الدائر هو صراع مسيحي-شيعي و لا علاقة لهم به و لهؤلاء بعض الأسئلة :
ماذا كان سيكون شعور الطائفة السنية لو اعتبر المسيحيون السياديون أنفسهم غير معنيين عند استشهاد رفيق الحريري ؟
كيف كان ليكون شعررهم عندما استُهدفوا في ٧ أيار لو اعتبر المسيحيون السياديون أيضاً أنهم غير معنيين و وضعوا ما حصل ضمن إطار الصراع السني-الشيعي ؟
ماذا لو قف المسيحيون السياديون على الحياد في أي صراع مستقبلي لا سمح الله بين السنة و الشيعة و تفرجوا عليهم من بعيد ؟؟
هل بإمكان الحزب الإستراكي تقديم أي تفسير لعدم تضامنه مع المسيحيبن السياديين بعد تعرض مناطقهم لأكثر من اعتداء من عين الرمانة الى القرنة السوداء فالكحالة ؟
كيف سيشعر الحزب الإشتراكي و الدروز عندما سيعتبر المسيحيون السياديون أنفسهم لاحقاً غير معنيين إن حصل أي اعتداء ممانع على الطائفة الدرزية الكريمة لا سمح الله ؟
إن تصرفات تلك الطوائف أو ممثليها لنكون دقيقين في الآونة الأخيرة تزيد من قرف المسيحيين و كفرهم بأي إمكانية للتعايش مع أي أحد في لبنان و ليس الممانعة فقط ، فهم وجدوا نفسهم وحيدين في المواجهة و شاهدوا تخلي الجميع عن الوقوف و لو معنوياً الى جانبهم و بالتالي من حقهم التفكير بالمطالبة بالإنفصال عن الجميع و ليس دويلة الممانعة فقط و من حقهم المطالبة باللامركزية الموسعة جداً أو الفدرالية و ربما أكثر ليضمنوا أمنهم و استمرارية وجودهم في هذه الأرض بعد ما لمسوه من الطوائف الأخرى من تخلٍّ و لا مبالاة.
بعد كل ما جرى لم يعد يحق لأحد أن يطلب من المسيحيين السياديين التضامن معه إن تعرض لأي اعتداء ، و على المسيحيبن عدم التضامن الا مع أنفسهم من الآن فصاعداً .
و بعد كل ما حرى أيضاً لم يعد يحق لأحد ( لا سنة و لا دروز و لا شيعة طبعاً ) لوم المسيحيين على المطالبة بالفدرالية و ربما أكثر منها أيضاً ، فهم عادوا وحيدين مستهدفين من الجميع و من الطبيعي أن يبحثوا عن الصيغة التي تضمن استمرارية وجودهم في أرضهم بعدما طُعنوا في الظهر و على مدى فترات طويلة من الزمن .
ربما تخلي الدروز و السنة عن التضامن مع المسيحيين السياديين أراح هؤلاء المسيحيين في مكان ما ، و بدل أن يطالبوا مستقبلاً بمناطق آمنة لهم و للآخرين و يرتكبوا نفس خطأ ١٩٤٣ المدمر ربما و إن سنحت الفرصة يوما ما سيعملون على الحصول على مناطق آمنة لهم فقط و تكون بالتالي متجانسة فكريا و ثقافيا و اجتماعياً و قابلة للحياة ، فحسناً فعل هؤلاء لأنهم و بأفعالهم هذه أزالوا الغشاء العواطفي الغبي الذي كان لا يزال يعمي بصيرة بعض المسيحيبن السياديين و يدفعهم لتكرار تجارب التكاذب المشترك المدمرة التي أوصلتهم الى حيث وصولوا .