ومع تراجع الملف الرئاسي في انتظار معرفة وجهة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، شكّلت التطورات الجنوبية المتسارعة محور متابعة من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في خلال اجتماع عقده في حضور وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مع قائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لازارو على رأس وفد. وأوضح بوحبيب أنه “تم بحث الأوضاع الأمنية في الجنوب، ونقلوا لنا مطلب الجانب الاسرائيلي بإزالة “الخيمة” (اقامها حزب الله على الحدود في مزارع شبعا) فكان ردّنا بأننا نريدهم أن يتراجعوا من شمال الغجر التي تعتبر أرضاً لبنانية. ونحن من ناحيتنا سجلنا نحو 18 انتهاكاً إسرائيلياً للحدود”. وعن التمديد لقوات اليونيفيل” قال “سيتم بحث تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 20 تموز/يوليو الحالي، وسيتم في آخر اسبوع من آب/أغسطس التجديد لليونيفيل، وقد أبلغهم رئيس الحكومة أنني سأترأس الوفد اللبناني إلى نيويورك”.
من جهته، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استقبل بدوره قائد “اليونيفيل” أعلن “أن الخيم موجودة على أرض لبنانية والمطلوب من المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بتطبيق القرار 1701 والانسحاب من الشطر الشمالي لقرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا نقطة الـB!”.
وتطرّق بري في خلال اجتماعه بنقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة إلى العناوين السياسية في البلاد وفي طليعتها استحقاق رئاسة الجمهورية واتفاق الطائف وحاكمية مصرف لبنان. واعتبر بري أن “الصحة بخير ولكن صحة البلد للأسف ليست بخير”، ورد على رغبة البعض في الانقلاب على اتفاق الطائف قائلاً: “عشنا ومتنا حتى أنجزنا هذا الاتفاق وأقول لمن يريد تغييره “فليقعد عاقل أحسن له”. ورأى “ان دعوات البعض لتغيير النظام تضع لبنان في مهب مخاطر لا تحمد عقباها”. وسأل “هل طبّقنا الطائف كي ندعو إلى تغييره؟ فلنطبق هذا الاتفاق بكل بنوده وخاصة الاصلاحية منها لا سيما اللامركزية الإدارية وقانون للانتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ”.
وفي ملف رئاسة الجمهورية نقل القصيفي عن الرئيس بري تأكيده أن “لا مناص الا بالتوافق والحوار”، لافتاً إلى “ان التدويل مع كل الاحترام لغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يحتاج إلى توافق داخلي، فالحوار الداخلي خيار يجب أن لا يسقط من حسابات كافة الاطراف”، موضحاً انه “ينتظر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جون إيف لودريان كي يبني على الشيء مقتضاه في الملف الرئاسي لجهة الحوار ومكانه وشكله وزمانه أو لجهة تحديد موعد لجلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية”.
وحول أزمة حاكمية مصرف لبنان، أجاب رئيس المجلس: “هناك مبدأ في كل دول العالم بأن الضرورات تبيح المحظورات وهناك نص دستوري يتحدث عن المعنى الضيق لتصريف الاعمال، فتصريف الاعمال لا يعني بأي شكل من الأشكال الانحدار نحو الفراغ، ورئيس الحكومة قد اختار موقفاً آخر ورغم أنني على موقفي بتطبيق الدستور بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال لكنني سوف أحترم ما اعلنه رئيس الحكومة في هذا المجال لجهة ان لا تعيين ولا تمديد”.
وكان الرئيس ميقاتي أعلن “ان أي دعوة للتمديد لحاكم مصرف لبنان لن تحصل بتاتاً واصبحت نتيجة هذا الخيار تساوي صفراً، لأن السير بالتمديد سيؤدي إلى اطلاق جملة من الاتهامات والقول ان رئيس الحكومة يساهم في حماية المنظومة، وهذا الامر غير وارد”. ولفت ميقاتي في حديث إلى “النهار” إلى أن “لا نية ولا استعداد عنده للتوجه إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد ووضع بند على جدول اعماله لتعيين حاكم جديد”، مشيراً إلى أنه “لا يريد ولا يقبل بإحداث شرخ في البلد، واذا كان المسيحي الماروني يعتبر التعيين الآن ضرباً لطائفته في غياب رئيس الجمهورية فأنا لا أقبل بهذا الاجراء وعلى الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم”. وجدّد القول “أرفض استفزاز الموارنة او غيرهم ولا اريد استفزاز احد ولن اذهب إلى التعيين. وليعجل الجميع في انتخاب رئيس الجمهورية”.
ومن زوار ميقاتي عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل ابو فاعور الذي لاحظ “أن الشغور الرئاسي يبدو مديداً، ويبدو أن هناك بعض الأطراف لا تستهول مسألة الشغور الرئاسي ولا تستعجل الاتفاق على رئيس جديد”. وقال “في كل الحالات اذا كنا نذهب إلى هذا الشغور المديد الذي لا يبدو أن له نهاية في الأفق، هل نسمح بأن يسقط فوق رؤوسنا ما تبقى من هيكل أمني ومالي يحفظ ما بقي من أمن واقتصاد اللبنانيين؟ وأنا هنا اتحدث عن مصرف لبنان وعن الجيش المؤسسة العسكرية الأم التي نعرف جميعاً بأنها لا تزال حتى اللحظة الضامن الوحيد لأمن اللبنانيين واستقرارهم”.
واضاف “اما في مصرف لبنان فيجري التداول بصيغ عديدة واعتقد أن هناك صيغتين يجب الاتفاق على واحدة منهما: الصيغة الأولى إما يتم الاتفاق على تعيين حاكم جديد وانا لا أدعو هنا إلى شجار طائفي جديد حول هل يحق للحكومة أن تعيّن ام لا، ولسنا بحاجة إلى شجارات جديدة، ولكن يجب أن يكون هناك اتفاق، واعتقد انه بوفاق سياسي ما يمكن الاتفاق على حاكم جديد لمصرف لبنان. واذا لم يتم الاتفاق فالمنطق الطبيعي يقول بأن نواب الحاكم وتحديداً نائب الحاكم الأول عليه ان يتحمل مسؤولياته، فلا يمكن لأحد ان يقول “أتقدم اليوم إلى مسؤولية وفي اليوم الثاني اريد ان استقيل ولا أريد ان اضطلع بالمسؤوليات التي أقدمت عليها بالأساس. اما المسألة الثانية المهمة فهي مسألة الجيش، ونحن لا نطرح الأمر من زاوية طائفية، لان رئيس الأركان محسوب على مكوّن لبناني معين. قائد الجيش يتقاعد في وقت قريب، واذا ما تقاعد قائد الجيش فالوحيد المخول أن ينوب عنه هو رئيس الأركان، ولا رئيس أركان حالياً في المجلس العسكري، هذا أمر يجب أن يبت ويجب تعيين رئيس جديد للأركان، وندعو إلى تعيين كافة أعضاء المجلس العسكري، واذا كان هناك نقاش أو خلاف على أسماء اخرى، فبالحد الأدنى لا خلاف على رئيس الأركان، فالمطلوب تعيين مجلس عسكري كامل ومن ضمنه رئيس الأركان لكي نحافظ على الجيش”.
وعن موقف الرئيس ميقاتي قال “يقوم الرئيس ميقاتي باتصالات، ووجهة نظره في ما يخص مصرف لبنان هي تعيين حاكم جديد، واذا ما تعذر هذا الأمر فعلى نواب الحاكم تحمّل مسؤولياتهم. اما في ما خص الجيش فهو مع ملء الشغور في المجلس العسكري حفاظاً على المؤسسة”.