مع تواصل الحرب في لبنان، يحيي اللبنانيون اليوم عيد الاستقلال، وسط شلل مؤسسات الدولة، في وقت أفادت معلومات بأن واشنطن وباريس ستقدمان ضمانات جانبية لتل أبيب وبيروت لتسهيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
يحتفل لبنان اليوم بعيد استقلاله وسط حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، جاءت في وقت تعيش البلاد أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأزمة سياسية شلت معظم مؤسسات الدولة، خصوصاً وسط شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ العام 2022.
ومع تصاعد انتقادات قوى وشخصيات سياسية لتفرد حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، التي تتوسط فيها واشنطن من خلال مبعوثها إلى لبنان آموس هوكشتاين، ومع غياب شبه تام لحكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي عن المفاوضات، قال ميقاتي أمس، إن «اللبنانيين مصرّون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم، لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة والوحدة الوطنية، وبما تبعث في نفوسهم من رجاء بغدٍ أفضل».
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن ميقاتي قوله، إن «الجيش، الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب، يقدم التضحيات من أرواح ضباطه وعناصره ذوداً عن أرض الوطن وسيادته واستقلاله، معززاً بثقة اللبنانيين بأنه الأمل والمرتجى».
من ناحيته، أكد قائد الجيش اللبناني جوزف عون، أن قوات الجيش منتشرة في جنوب البلاد ولن تتركه، فهو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية. وشدد عون، في بيان، على أن الجيش اللبناني يواصل تنفيذ مهماته بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل» ضمن قرار مجلس الأمن 1701.
وأضاف أنه «منذ بدء نزوح أهلنا من الجنوب، بادرت المؤسسة العسكرية إلى التنسيق مع إدارات الدولة ومواكبة النازحين». ولفت إلى أنه «على خط موازٍ، يتابع الجيش تنفيذ مهماته على كامل الأراضي اللبنانية، متصدياً لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار لأن الوحدة الوطنية والسلم الأهلي على رأس أولوياته، وهما الخط الأحمر الذي لن يسمح لأي كان بتجاوزه».
وفي رد على حملة إعلامية لمقربين من حزب الله تطال الجيش وقائده، أكد عون أن «الافتراءات وحملات التحريض التي يتعرض لها الجيش لن تزيده إلا صلابة وعزيمة وتماسكاً، لأن هذه المؤسسة التي تحظى بإجماع محلي ودولي، ستبقى على مبادئها والتزاماتها وواجباتها تجاه لبنان وشعبه بعيداً عن أي حسابات ضيقة».
وتابع: «نطمئن أهلنا وشعبنا إلى أنه لا عودة إلى الوراء ولا خوف على الجيش الذي سيبقى إلى جانبهم متماسكاً رغم كل الظروف، حامياً للبنان ومدافعاً عن أمنه واستقراره وسيادته، كما سيبقى حاضناً وجامعاً لكل اللبنانيين بمختلف مكوناتهم وعلى مسافة واحدة منهم». وأكد عون أن الجيش «سيظل الملاذ الآمن الذي يثق به الجميع، على أمل أن يستقيم الوضع وتستعيد المؤسسات عافيتها وانتظامها».
ضربات تحت الحزام
إلى ذلك، تبادلت إسرائيل وحزب الله ضربات قاتلة أمس، لتستمر الحرب بينهما على الرغم من المؤشرات على إحراز تقدم في جهود الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، إذ استمر تعرض الضاحية الجنوبية لبيروت لقصف جوي إسرائيلي عنيف، فيما قصف حزب الله للمرة الأولى قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية، كما واصل إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل. وبحسب بيان لحزب الله تقع قاعدة حتسور الجوية التي قال إنه استهدفها في جنوب إسرائيل، على بعد قرابة 150 كيلومتراً من الحدود مع لبنان.
وفي وقت شنت إسرائيل غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى عدة مناطق لبنانية أخرى موقعة عشرات القتلى والجرحى، قالت خدمة «نجمة داوود» الحمراء للإسعاف في إسرائيل، إن رجلاً عمره 30 عاماً قتل أمس، بشظية صاروخ قرب ملعب في بلدة نهاريا بشمال إسرائيل. وتواصلت المعارك البرية في أكثر من منطقة خصوصاً في القطاع الغربي حيث توغل الإسرائيليون إلى أكثر من 10 كيلومترات ويخوضون معارك في قريتي البياضة وشمع.
وبعد زيارة إيجابية إلى بيروت، تسلم خلالها ملاحظات حزب الله على مسودة أميركية من 13 بنداً حول اتفاق وقف النار، التقى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين وبحث معهم الاتفاق.
وتتمسك إسرائيل بما تقول إنه حقها في التحرك ضد حزب الله في حال تم خرق الاتفاق الذي يدعو إلى وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوماً ينسحب من بعدها الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها في جنوب لبنان على أن ينسحب حزب الله من جنوب نهر الليطاني وفق القرار 1701 الذي أنهى حرب العام 2006 بين الجانبين. وهناك نقاط عالقة أخرى بينها تركيبة لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، حيث يرفض لبنان ضم بريطانيا وألمانيا إلى الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل والأمم المتحدة. وفي ظل وجود نقاط خلافية تهدد الاتفاق، الذي يبدو أنه بات أمراً أكثر إلحالحاً لنتنياهو بعد صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، كشفت مصادر مطلعة لـ «الجريدة»، أن هناك ملحقين للاتفاق عبارة عن ورقة أميركية ـ إسرائيلية تمنح فيها واشنطن ضمانات للجانب الإسرائيلي حول النقاط الخلافية، وورقة فرنسية ـ لبنانية تمنح فيها باريس ضمانات للجانب اللبناني، وذلك لتسهيل توقيع الاتفاق وإنهاء الحرب قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير المقبل.