بعد الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، حط وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في بيروت أمس، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (في منزل الأخير بالواجهة البحرية لبيروت)، ضمن المساعي الدولية الهادفة إلى تجنيب لبنان حربا موسعة مع إسرائيل.
وتركزت محادثات رئيس الديبلوماسية الفرنسية على ضبط النفس، وعدم رد «حزب الله» على قتل إسرائيل مسؤوله العسكري الأرفع فؤاد شكر في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل اسبوعين ونيف، إضافة إلى مناقشة ترتيبات «اليوم التالي» لوقف «جبهة الإسناد» من جنوب لبنان لغزة، والتي أعلنها «حزب الله» في الثامن من أكتوبر الماضي. واستغرق لقاء بري وسيجورنيه زهاء ساعة، وتخلله بحسب بيان اعلامي صادر عن مكتب رئيس مجلس النواب «عرض لتطورات الأوضاع السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة، إضافة للعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا والتجديد لقوات اليونيفل العاملة في جنوب لبنان لولاية جديدة».
واستهل بري اللقاء بتوجيه الشكر لفرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون «على دعمهم وحرصهم على لبنان»، منوها بمشاركة فرنسا التاريخية بعديد قوات الطوارئ الدولية.
وجدد «التأكيد على التزام لبنان بقواعد الاشتباك وحقه بالدفاع عن النفس بمواجهة العدوانيـــــة الإسرائيليــة التي لم توفر في اعتداءاتها المدنيين والإعلاميين والمسعفين، ناهيك عن استخدامها السلاح المحرم دوليا لاسيما القذائف الفوسفورية في المساحات الزراعية والمناطق الحرجية».
وأكد حرص لبنان على ضرورة التمديد لمهام قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان لولاية جديدة وفقا للمشروع الفرنسي ونص القرار الأممي رقم 1701. بدوره، قال الوزير سيجورنيه: «رسالتي بسيطة وهي التأكيد على دعم فرنسا للبنان في هذه الأوقات المقلقة في الأوضاع الإقليمية».
وأضاف: «ما يهمنا هو العمل على تخفيف حدة التصعيد. هذه هي الرسالة التي نقلتها إلى السلطات اللبنانية والرسالة نفسها التي سوف أنقلها لبقية الدول في المنطقة، ونأمل ان يتم تهدئة الأوضاع في هذه الأوقات». ومن منزل الرئيس ميقاتي، جدد الوزير سيجورنيه «تأكيد دعم فرنسا للبنان ووقوفها إلى جانبه وثقتها به». وتمنى «استمرار عدم التصعيد من الجانب اللبناني» مقدرا «ضبط النفس في هذه الفترة الصعبة».
أما رئيس الحكومة فشدد على «أهمية دعم التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان لفترة سنة».
وبعد الزيارة، وإزاء إلحاح الصحافيين على الرئيس ميقاتي بالتصريح قال: «في هذه الفترة الصعبة التي نمر بها لا يمكن الا ان نتحلى بالصمت والصبر والصلاة». بعدها التقى سيجورنيه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وختم زيارته بلقاء أركان وموظفي السفارة الفرنسية في بيروت في مقر إقامة السفير الفرنسي بقصر الصنوبر في منطقة المتحف.
من جهة أخرى، يصل اليوم الجمعة إلى بيروت وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ويلتقي فيها مسؤولين رسميين وآخرين سياسيين وروحيين.
وكشفت معلومات لـ «الأنباء» ان «حزب الله» لم يعول كثيرا على المحادثات التي قام بها هوكشتاين ثم سيجورنيه، ذلك ان إسرائيل لم تلتزم سابقا بخفض التصعيد، لا بل أرسلت تطمينات مضللة، ومضت في تنفيذ اغتيالات طاولت مسؤولين وكوادر في «الحزب».
وكشف قيادي سابق في «حزب الله» لـ «الأنباء» ان «الخطاب المقبل للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله سيريح الناس». وتوقع ان يأتي الخطاب بعد الرد من «الحزب» على قتل إسرائيل المسؤول العسكري الأرفع في صفوفه فؤاد شكر.
وأضاف القيادي السابق، والذي انتقل حاليا إلى مصاف الاحتياط في الفرق العسكرية: «لا أحد يملك معطيات دقيقة عن الرد، والقرار يأتي من فوق (السيد نصرالله) ويسلك طريقه إلى التنفيذ مباشرة».
وتوقع ردا معنويا «ليس أكثر، لأن الحزب لا يريد حربا موسعة. الا ان الرد أكيد وحتمي».
وقال مصدر نيابي لـ «الأنباء»: «وصلت الأمور إلى مرحلة مفصلية بعد كل هذا الانتظار والمساعي الديبلوماسية، ولابد من اتخاذ القرار الصائب مع انتهاء فتره السماح او الخرطوشة الأخيرة كما وصفها رئيس مجلس النواب». وأشار إلى ان «هدف زيارة هوكشتاين للتأكيد على ان لبنان ليس مغيبا عن المفاوضات، وبالتالي فإن القرار يجب ان يكون بإبعاد الكأس المرة عنه والتي يخشاها الجميع، مشيرا إلى انه مهما كانت الاستعدادات لمواجهة الحرب، فهي لن تكون على مستوى التحديات».
ورأى المصدر النيابي «انه كان لافتا اجتماع هوكشتاين مع وفد من نواب المعارضة الذين لا يساهمون في شكل من الأشكال في المهمة التي حضر إلى لبنان من أجلها، وهي محاولة تهدئه الوضع وتجنب القيام برد خلال الساعات المقبلة، ولكن ربما أراد ان يوجه رسالة واضحة انه لا يمكن تغييب أي جهه عن التشاور في المحطات المصيرية».
توازيا عادت الحركة بزخم إلى شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، وبدت أنشط مما كانت عليه في الأيام الماضية. وأمكن رؤية شبان يتجمعون في المقاهي الشعبية، ونساء يقصدن الأسواق في النهار وفي ساعات الليل الأولى، فضلا عن أنشطة وحركة في المحال التجارية ومطاعم الوجبات السريعة.
ميدانيا، استهدفت المدفعية الإسرائيلية أمس ساحة بلدة الخيام حيث اندلعت النيران في أحد المنازل وأطراف بلدة دير ميماس منطقة المغيسل وأطراف بلدة الناقورة الساحلية الحدودية. وسبقها قصف لتلة العزية في قضاء مرجعيون. وظهرا تعرض محيط دير ميما في دير ميماس بمرجعيون لقصف بالقذائف الحارقة.
في المقابل أعلن «حزب الله» قصف موقع معيان باروخ بقذائف المدفعية. وبعدها شن هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية على موقع خربة ماعر مستهدفا أماكن تموضع وتمركز ضباط وجنود إسرائيليين، وكذلك استهداف تموضع لجنود في موقع المالكية.