وبعد فترة من تركيز نواب «حزب الله» وحركة «أمل» على الدعوة للحوار للتوصل إلى اتفاق بشأن الرئاسة في كل مواقفهم وتصريحاتهم، وهو ما كان يرفضه فريق المعارضة، تراجع هذا التوجه في الأيام الأخيرة، بعدما تجاهل بيان اللجنة الخماسية الحوار، ليتحوّل إلى هجوم على «التدخلات الخارجية» ودعوات كي يقوم اللبنانيون بحل الأزمة. وقد بدأت الحملة مع بيان كتلة «حزب الله» النيابية التي قالت إن «إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو همّ وطني بالأصل يتوجب على اللبنانيين تحمل المسؤولية إزاءه، وإن أي رهان على مساعدة أصدقاء لا يصح أن يتحول خياراً بديلاً عن الجهد الوطني أو معطلاً له».
وأبدى النائب في «أمل» علي حسن خليل ليونة تجاه الدعوة إلى حوار وطني شامل، قائلاً: «اليوم وبعد كل الذي حصل ما زلنا وبالمنطق نفسه ندعو إلى حوار عام، حوار ثنائي، حوار جزئي، تفاهمات بين المكونات»، مؤكداً: «لا يتوهم أحد أن باستطاعة الخارج فرض إرادته بانتخاب رئيس للجمهورية… علينا ألا ننتظر المراهنة على إمكانية أن يأتي الحل من الخارج، خارج إطار التفاهم الداخلي اللبناني بين كل المكونات».
وكان واضحاً رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد بالقول: «من الآن لن ندعوهم إلى حوار ولا إلى تفاهم»، داعياً إلى ألا يستقوي أحد بالأجنبي ضد مصلحة بلده، لأنه سيكون هو الخاسر الأول». كذلك، حذّر أمس نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم من «أن تكون الرئاسة مطية»، قائلاً: «ندعو إلى اختيار رئيس للبنان بحجم البلد أي بمواصفات وطنية جامعة لا رئيس بحجم مجموعة أو جماعة أو حزب، فهم يريدون أن يكون مطية بين أيديهم لسياسات لا تنسجم مع لبنان ولا مع تحريره ولا مع استقلاله».
في المقابل، وفي ظل الترحيب الواضح من قبل معظم فريق المعارضة ببيان اللجنة الخماسية، يسود الترقّب لما سيحمله الموفد الفرنسي إلى بيروت، مع استمرار تأكيد الفريقين على التمسك بمرشحيهما، أي فرنجية (مرشح الثنائي الشيعي)، والوزير السابق جهاد أزعور (مرشح المعارضة). ومع المعلومات التي تشير إلى أن لودريان لن يحمل طرحاً جديداً كاملاً، إنما دعوة إلى حوارات ثنائية أو ثلاثية، وليس حواراً وطنياً شاملاً، تنتقد المعارضة الهجوم الذي يشنّه الفريق الآخر على «الجهود الخارجية» واستباق زيارة لودريان. وهو ما يعبّر عنه النائب في «القوات» فادي كرم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الفريق يؤكد لنا يوماً بعد يوم أنه لا يمكن الخروج معه بنتائج من أي حوار»، مضيفاً: «يقولون إننا ننصاع لتدخلات الخارج بينما هم كانوا يستجدون الخارج ويحاولون الضغط علينا لتمرير الحوار عبر الفرنسيين وعندما أدركوا أنهم لن يصلوا إلى أهدافهم بدأوا الهجوم على الخارج والتهديد بالفوضى»، مؤكداً: «كل ما يطرحه هو مجرد خداع وكذب لا نتيجة منه». وفي حين لفت كرم إلى أنه لا يتوقع أن يحمل لودريان طرحاً مهماً، أشار إلى إمكانية طرح فكرة الحوارات الثنائية أو الثلاثية، وقال: «إذا أرادوا فعلاً مساعدة الشعب اللبناني عليهم الضغط على إيران لتحرير لبنان من القبضة المتمسكة بلبنان، ووقف مفهوم التسويات مع قوى الأمر الواقع والضغط عليهم لتطبيق الدستور والذهاب إلى جلسات انتخاب مفتوحة ليفوز المرشح الذي يحظى بأكبر عدد من النواب». وينتقد النائب في الحزب «التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله ما سمّاه «الحوار بالواسطة» بدل أن يلتقي اللبنانيون ويتحاوروا فيما بينهم، وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً منه على مواقف «الثنائي الشيعي» الأخيرة: «يبدو واضحاً أن هناك امتعاضاً واضحاً من بيان اللجنة الخماسية الذي لم يتبنَّ دعم فرنجية وأعاد التوازن للوساطة الخارجية، وبالتالي هذه السقوف العالية في المواقف تعكس رفضهم التسوية».
من جهة أخرى، بعدما كان قد أعلن النائب في «التيار الوطني الحر» آلان عون أن البحث بدأ عن مرشح بديل عن أزعور، نفى النائب كرم هذا الأمر، قائلاً: «لا يُبنى على رأي آلان عون الذي كان أساساً ضد ترشح أزعور، لكن يمكن التأكيد على أن الجهة الرسمية في (التيار) تؤكد الاستمرار بدعم أزعور»، من دون أن ينفي أن أي اتفاق إذا حصل بين النائب جبران باسيل (الذي يطمح لسحب ترشيح فرنجية) و«حزب الله» يعني تلقائياً الذهاب إلى خيار ثانٍ من قبل الطرفين، لكنه يستبعد هذا الأمر حتى الآن، مشيراً إلى أن باسيل سبق أن أكد للمعارضة أنه يعمل على تقاطع أوسع من ذلك الذي جمعه مع المعارضة.
الوساطة الرئاسية
وأعلنت السفارة الفرنسية في بيروت أن جان إيف لودريان، الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، «سيقوم بزيارة ثانية إلى لبنان بين 25 و27 يوليو (تموز)، في إطار مهمته في التسهيل والوساطة، وحثّ المعنيين على تهيئة الظروف المواتية للتوصل إلى حل توافقي لانتخاب رئيس للجمهورية، وهي خطوة أساسية لإعادة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية في أسرع وقت للسير في طريق الإنقاذ».