هل من إرادة خفيّة تريد إعادة طرابلس إلى مرحلة جولات التقاتل والفوضى الأمنية بما يهدّد استقرار الشمال وتالياً لبنان؟ ومن يقف وراء التفلّت المستجد في عاصمة الشمال؟ وما هي الأهداف والغايات من ورائه؟
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح على خلفية الأحداث المتواصلة التي تشهدها مدينة طرابلس، وسط صمت مطبق بحيث يترك الجيش مرة جديدة وحيداً في الميدان.
صحيح أنّ ما يحصل له ترسّبات عميقة ناتجة من الوضع المعيشي المزري في طرابلس والشمال، ويكاد يحولهما الى حزام بؤس يهدّد استقرار الوطن الهش، إلا أنّ للتوقيت دلالات ومؤشرات وغايات.
وفي هذا الإطار، يقول مصدر معني لـ»نداء الوطن» إنه «منذ بدء الحوادث الأمنية، بادر الجيش الى تنفيذ تدابير مشدّدة على مدار الساعة ليلاً ونهاراً، وحصلت توقيفات كثيرة للجم التدهور، ويعمل الجيش فوق طاقته لضبط الوضع الأمني ولوقف تدحرج الأحداث ومنع تكرارها».
ويوضح المصدر أنّ «الأسباب الطبيعية لهذه الأحداث تدور على الأمور الآتية:
أولاً- الوضع الاجتماعي والمعيشي المتفاقم الذي جعل هذه المنطقة في أعلى نسبة فقر مدقع، من دون أن تحرك القيادات الشمالية التي بمعظمها من كبار الأغنياء ساكناً لمعالجة هذا التدهور المتعاظم.
ثانياً- الغطاء السياسي الذي يوفّره بعض الزعامات والقيادات في طرابلس والشمال للمخليّن بالأمن، والذين يغطون ارتكابات الخارجين على القانون.
ثالثاً- القضاء الذي يخضع لضغوط السياسيين فيعمد الى تخلية سبيل الموقوفين ما يبدّد جهد الأجهزة العسكرية والأمنية ويجعلها تقوم بالمهمات ذاتها أكثر من مرة.
رابعاً- عدم قيام السلطات المحلية بدورها على مستوى المحافظين والبلديات واتحادات البلديات بدورها، ما حوّل الشوارع والساحات والأحياء إلى غابة من المخالفات على أنواعها وزاد وتيرة الاحتكاكات بين المواطنين، مع سيطرة زعران الأحياء على المشهد».
ويرى المصدر «أنّ غياب منظومة الدولة بكل عناصرها وأدواتها يجعل الأمور تتفلت، والجميع يعلمون أنّ الأمن وحده لا يمكنه ان يكون العلاج الشافي من دون صيغة تكاملية تجمعه ببقية العناصر المؤثرة».
ويلفت المصدر إلى «أن الأمور لا تزال تحت السيطرة، بدليل أنّ تسع جرائم حصلت تمكّن الجيش من توقيف مرتكبيها في وقت قياسي ما منع تدهور الأمور الى الأسوأ».
ويختم: «ليس بالأمن وحده تعالج الأمور في طرابلس والشمال وكل لبنان. وانما المسؤولية تقع على السلطة السياسية التي يجب ان تدير العملية التكاملية بين كل المؤسسات، وإلا فالفلتان يودي إلى المجهول».