واللافت هو العودة، في اليومين الماضيين، إلى توجيه الاتهام للموارنة مباشرة أو مواربة بالمسؤولية عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وقد ورد مثل هذا الكلام على لسان أكثر من طرف سياسي، بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، اللذان حمّلا كلاً من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” مسؤولية تعطيل الحوار وعدم الذهاب إلى جلسات انتخاب. كذلك، لوحظ أن قناة “الجديد” استندت إلى كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في أستراليا، الذي أكد فيه “أن الكنيسة لم تترك لبنان وشعبه فريسة للاستكبار، ولن تسكت عن تعمّد تغييب رئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في كل أسرة جامعة الدول العربية”، ولفتت القناة إلى “أن الراعي لم يستكمل تهديده ليقول إن من يغيّب الرئيس الماروني هم الموارنة أنفسهم، والذين خرجوا عن طاعته عندما لم يقيموا وزناً لعظاته وحكمه الأسبوعية”.
وعلى هذه الاتهامات ردّت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، فانتقدت “استخدام كلام البطريرك لتحميل الموارنة مسؤولية التعطيل الحاصل في الملف الرئاسي، فيما كلام البطريرك واضح وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى تفسير ولا يحتمل التأويل، حيث حمّل مَن يعطّل الانتخابات الرئاسية مسؤولية تغييب رئيس البلاد المسيحي الوحيد في أسرة جامعة الدول العربية”، مؤكدة أن “مَن يعطّل الانتخابات، ولا يطبق الدستور، ولا يحترم الآلية الانتخابية معروف؛ إنه محور الممانعة”.
وأضافت “القوات” في بيانها: “يهمّنا تذكير القيّمين على مصداقية وموضوعية المحطة أن النواب، الذين نذكر منهم بشكل عشوائي محمد رعد وحسين الحاج حسن وعلي حسن خليل وهاني قبيسي، وغيرهم، ليسوا من الموارنة، كما هم ليسوا أساسًا ممن يقيمون وزنًا لعظات وحكم سيدنا البطريرك، ولو فعلوا لكان اليوم لبنان حيادياً نائياً بنفسه عن صراعات الإقليم؛ ولكان ينعمُ بالازدهار والبحبوحة، ولديه رئيس للجمهورية، منذ أيلول/ سبتمبر العام الماضي”. وتابعت: “نستغرب أشد الاستغراب هذا السعي إلى تحوير كلام البطريرك، في محاولة لإنقاذ ماء وجه الفريق الذي بات مكشوفاً أمام اللبنانيين كلهم، وأمام الأصدقاء والأشقاء العرب والمجتمع الدولي الذي لَمَسَ لَمْسَ اليد مَن يرفض الخيار الثالث، ويصرّ على مرشح برغم عدم قدرته على انتخابه، وما محاولات تمرير القوانين وتغطية الاجتماعات الحكومية إلا إسهامًا مباشرًا في تغييب موقع الرئاسة الأولى ودورها”.
وخلصت “القوات” إلى أن “مَن يمنع انتخاب الرئيس الماروني ليس الموارنة بالتأكيد، إنما مَن يقفل أبواب المجلس النيابي هو مَن يمنع هذا الانتخاب ويُمعن بتغييب دور الرئيس الماروني، ولا بد من تذكير القيمين على إدارة التحرير في المحطة أنه عندما تقاطع المسيحيون في أغلبيتهم الساحقة على المرشح جهاد أزعور، أُقفِلت أبواب المجلس، وما زالت مقفلة لأجَلٍ غير مسمّى، وهذا ما يؤكد أن المعرقلين الفعليين للانتخابات الرئاسيّة ليسوا الموارنة، إنما الممانعة التي تسعى لفرض مرشحها الذي لا يحظى بتأييد ماروني أو مسيحي، ولا حتى وطني”.
كما ردّت الدائرة الإعلامية على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي حمّل “القوات” وشروطها المستحيلة مسؤولية إجهاض الانتخابات الرئاسية، وتعطيل مبادرة الرئيس نبيه بري للحوار، وقالت: “لا يخفى على وليد بيك من عطّل جلسات الانتخاب بخروجه كل مرة منها، ومن لا يدعو إلى جلسة بدورات متتالية، ومن عطل مبادرة البيك والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والآن القطريين باتجاه خيار ثالث”.
وأضافت: “نذكّر وليد بيك أن الانتخابات الرئاسية تحصل عن طريق جلسة بدورات متتالية بعد حوار وتواصل ثنائي أو أكثر، على غرار التقاطع الذي تبنى ترشيح جهاد أزعور، ولا يوجد أي مسار رئاسي آخر، ولن نقبل بتكريس عُرف جديد لا دستوري يلغي دور مجلس النواب والانتخابات النيابية. فليست “القوات اللبنانية”، وليد بيك، من أجهض فرصة انتخاب رئيس للجمهورية، إنما مَن أجهض هذه الفرصة هو الذي يتمسك بمرشحه على رغم عدم قدرته على انتخابه، ومن يعطل كل الآليات الدستورية الانتخابية، ومن يصر على حوار ملهاة يحمل من خلاله كل من يشارك في الحوار مسؤولية الشغور، فيما من يتحمل هذه المسؤولية هو الفريق الذي يخرج من الجلسات ويعطلها ولا يقبل باللعبة الديموقراطية الدستورية. ونسأل وليد بيك: هل يريد استمرار التدهور والوضع الحالي لستّ سنوات إضافية؟ وألا يوجد شيء اسمه مصلحة لبنان العليا؟ وهل إدارة البلد تكون من خلال “كولسات” فوقية بعيدة جداً من آلام الناس ومعاناتهم ومآسيهم؟”، آسفةً “أن يحمّل وليد بيك القوات مسؤولية هي براء منها، بل سعت منذ ما قبل الدخول في المهلة الدستورية إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي وحضور كل الجلسات ومحاولة إحياء الدورات المتتالية والانتقال من مرشح إلى آخر، وكلّه في محاولة لمنع الشغور الذي دخلت فيه البلاد بسبب إصرار فريق سياسي على فرض شروطه على اللبنانيين خلافاً لإرادتهم، وخلافاً لرغبتهم بالإنقاذ”.