صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

ديفيد شينكر: لا حصانة للحرس الثوري في سوريا… وهذا خطأ بايدن الأكبر

بقلم : جوزيان رحمة - تطورات المنطقة والحرب القائمة في غزة، مستقبل "حماس"، والدور الأميركي والوجود العسكري في سوريا والعراق... ملفات ناقشتها "اندبندنت عربية" في حوار خاص مع ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى

لم يكن الحضور الأميركي في المنطقة العربية والشرق الأوسط يوماً خجولاً، خفت وتيرته في سنوات معينة وتحديداً مع تبدل سيد البيت الأبيض، لتعود وتزداد في سنوات أخرى، لكن واشنطن كانت دائماً موجودة في هذه المنطقة، منذ ما قبل أحداث الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم.

هذا الحضور اتخذ صوراً متعددة وفي غالبية المجالات بين السياسة والاقتصاد والأمن وغيره، وتراوح ما بين تصريحات عامة حول وضع دولة ما إلى اتخاذ قرار حاسم بالتدخل المباشر والعسكري، كما حدث خلال غزو العراق عام 2003.

وإن كان تدخل واشنطن في شؤون الشرق الأوسط والدول العربية دلالة على أهميتها الجيوسياسية خصوصاً في خضم الحرب الباردة وما بعدها من تصاعد للنفوذ الإيراني في بعض دولها، فهو يؤكد في الوقت عينه حاجة أميركا إلى التواجد في هذه المنطقة، لضمان مصالحها ومصالح أبرز حلفائها، أي إسرائيل.

تطورات المنطقة وتحديداً الحرب القائمة في غزة، ومستقبل “حماس” واليوم التالي للحرب، والدور الأميركي والوجود العسكري في سوريا والعراق، والسياسة التي تعتمدها الإدارة الأميركية الحالية، وغيرها، كلها ملفات ناقشتها “اندبندنت عربية” في حوار خاص مع ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى بين عامي 2019 و2021 وتحديداً في عهد الرئيس دونالد ترمب، وفي هذا المنصب كان المسؤول الأول المشرف على سير السياسة الأميركية والعمل الدبلوماسي في أنحاء المنطقة الممتدة من المغرب إلى إيران واليمن.

حرب غزة مأساة

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

“الحرب في غزة مأساة إنسانية ومعاناة كبرى للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء” يبدأ شينكر تقييمه الحرب القائمة منذ نحو ثمانية أشهر، لكنه يؤكد في الوقت عينه أن الإسرائيليين ملتزمون القضاء على حركة “حماس” وكذلك بالذهاب نحو معركة رفح، ويقول “لست متأكداً إن كانت لديهم خطة منطقية وعملية للمضي قدماً بالحملة هناك، والأهم خطة من شأنها أن تضمن سلامة مليون ونصف المليون شخص يعيشون في رفح”، ويضيف “نرى اليوم خلافات بين أميركا وإسرائيل حول كيفية المضي بهذه الحملة، إنما أمر وحيد ومؤكد تتفق عليه تل أبيب وواشنطن عليه هو أن حركة (حماس) لا يمكنها أن تستمر في حكم غزة بعد انتهاء الحرب هناك… لا أدري كيف سيتحقق هذا، وهو صعب جداً في الوقت الحالي”.

يتوقف شينكر عند إصرار إسرائيل على المضي قدماً في هذه الحرب على رغم الدعوات الأميركية والأوروبية لوقف إطلاق النار، والانتقادات اللاذعة في بعض الأحيان لما تقوم به من قتل للمدنيين وعاملين أمميين، معتبراً أن هذا الإصرار ينطلق من أولويتين لدى تل أبيب، الأولى القضاء تماماً على “حماس” لأنها تعتبر أن الحركة ستعود وبقوة إلى غزة إن لم تستمر الحرب وتقضي على كل مقاتليها وقياداتها.

والثانية والأهم الضغط في ملف المحتجزين الإسرائيليين لدى “حماس”، بمعنى أن إسرائيل لن تتوقف في حربها الحالية باعتبار أنها وسيلة ضغط قوية للإفراج عن المحتجزين، ويقول “ليس واضحاً العدد المتبقي منهم على قيد الحياة، لكن أعتقد أن الفلسفة الإسرائيلية تقوم حتى اليوم على المضي قدماً في الضغط على (حماس) عبر استمرار الحرب، وأن تل أبيب لن تقبل بأي وقف إطلاق نار تام أو حتى جزئي، إلى حين حسم ملف الأسرى”.

ويضيف قائلاً “كان هناك وقف إطلاق نار لكن (حماس) انتهكته في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023″، في إشارة إلى العملية التي قامت بها وبعدها اندلعت الحرب.

إسرائيل والخطوط الحمراء الأميركية

سألنا شينكر “هل تخطت إسرائيل برأيكم الخطوط الحمراء، وتحديداً الخطوط الأميركية الحمراء؟”، فأجاب “لا أعلم إن كانت هناك خطوط حمراء تم وضعها، بقدر ما هناك مطالبات لإسرائيل بأن تلتزم قوانين الحروب والنزاعات، وهناك انتقادات عدة لإسرائيل أخيراً بسبب استهدافها العاملين في المجال الإنساني، وكذلك في جوانب عدة من هذه الحرب، لكن لا أعتقد أن الإدارة الأميركية وضعت ما يحصل هنا ضمن الخطوط الحمراء”.

ويتابع “الإسرائيليون يقاتلون اليوم جماعة يعدونها إرهابية وهي متجذرة بين السكان ومنتشرة بين المدنيين، وهنا نتحدث عن حرب حدثت في أكثر من مكان وتختلف بأحداثها، فمثلاً في حروب أخرى مثل أحداث الفلوجة والموصل قتل إرهابيون أكثر من المدنيين”.

عن حملة رفح يقول “أعتقد أن إسرائيل لن تمضي بحملتها على رفح قبل أن تتوصل إلى تسوية مع إدارة الرئيس جو بايدن أو تفاهم حول كيفية القيام بهذه الحملة، في البداية قال كثر في الإدارة الأميركية وعلى رأسهم نائبة الرئيس كامالا هاريس لا للحملة على رفح من أي نوع كانت، إنما لاحقاً وافقوا لكنهم يطالبون بتفسير كيف ستتم هذه الحملة من دون أن تقع كارثة بشرية، وما زلت أعتقد أن إدارة بايدن غير راضية عن هذه الحملة”.

تل أبيب لا تريد أن تتجاوز حليفها الأقوى

وفي المقلب الآخر يشير شينكر إلى بروز أصوات في الآونة الأخيرة في الكونغرس الأميركي، وهذه الأصوات لها ثقلها، تدعو إلى حظر الأسلحة ووضع شروط على مبيعات الأسلحة لإسرائيل خصوصاً تلك التي سيتم استعمالها في هذه الحملة وغيرها، لذا سيكون بيد الإدارة الأميركية نفوذ عبر هذه الورقة للضغط على إسرائيل التي لا تريد أن تتجاوز حليفها الأقوى.

في الحديث عن مستقبل الحرب في غزة وكيف سيكون القطاع في اليوم التالي للحرب، يتوقف شينكر عند ما قال إنها استطلاعات الرأي الأخيرة التي تشير إلى أن 70 في المئة من الفلسطينيين يؤيدون عملية السابع من أكتوبر، وسط تأييد كبير لحركة “حماس” في القطاع وفي الضفة الغربية، لكن مستقبل القطاع يتوقف ليس فقط عند كيف ستنتهي هذه الحرب إنما ما إذا كانت السلطة الفلسطينية أي فتح ستتطور وتتغير.

ويقول “ينظر إلى حكومة محمود عباس بصورة واسعة على أنها فاسدة، وسلطوية ومتقلبة وتفتقد كل أنواع الشرعية، وإن لم تتغير السلطة الفلسطينية لا أعتقد أنه ستكون لديها فرصة لكسب الشرعية الشعبية المطلوبة ليس فقط لتحكم في الضفة الغربية ولكن أيضاً في قطاع غزة”.

ويشدد على أنه إن لم يحدث هذا التغيير فإن مستقبل السلطة الفلسطينية سيكون قاتماً حقاً، والإسرائيليون لن يوافقوا بغض النظر عن حجم الضغط الشعبي على إقامة سلطة فلسطينية في غزة.

في حوارنا مع شينكر انتقلنا للحديث عن إيران، وهل تركت إيران “حماس” وحيدة في هذه الحرب؟ فأجاب معتبراً أن إيران لعبت دوراً مسانداً ومساعداً في التحضير لأحداث السابع من أكتوبر، عبر إمداد الحركة بكل المواد اللازمة من أسلحة ومعدات وتدريب، ناهيك بمساعدتهم تقنياً وفنياً في الهجوم.

لكنه يعتقد أن من دواعي سرور إيران أن تقاتل إسرائيل وأميركا حتى آخر عربي، من دون أن تبدي اهتماماً حقيقياً بالقضية الفلسطينية، ويضيف “هذا أحد أهم أسباب عدم دفعهم (حزب الله) في هذه المعركة بصورة جدية… لماذا (حزب الله) لم يذهب بصورة جدية في حرب غزة؟ لأنه موجود لخدمة طهران، وللعمل كرادع وكحماية لها ضد أي ضربة إسرائيلية للنظام الإيراني”.

ويتابع أن الآخرين مثل المجموعات الموجودة في العراق والحوثيين في اليمن و”الفاطميون” وغيرهم في سوريا، هم جميعهم وقود، وإيران يبدو أنها مستعدة بصورة كاملة لاستعمالهم في محاربة إسرائيل.

توسع الحرب عربياً

عن تطور الأمور بانتقال الحرب إلى دول عربية أخرى في الشرق الأوسط، يرى شينكر أنه إذا أراد “حزب الله” وخلفه إيران الذهاب إلى هذه الحرب، لكان فعل هذا في الثامن أو التاسع من أكتوبر أو حتى يوم السابع من أكتوبر، لكن من الواضح أن طهران تريد المحافظة على هذه الأداة لحماية نفسها. لا يريدون تبديدها ولا يريدون انتظار خمس أو ست سنوات لإعادة بناء وتسليح هذه الميليشيات كما حدث بعد حرب “يوليو (تموز)” عام 2006.

ويشير إلى أن إسرائيل تغتنم الفرصة في هذه الأثناء وتقتل قيادات إيرانية، ومنها من ساعد “حماس” في التحضير لهجوم السابع من أكتوبر، فيما في المقابل هناك رغبة بالانتقام من إسرائيل أو ربما من الولايات المتحدة عبر مسيرات أو صواريخ… لكن هذا لم يحدث بعد، على حد قوله.

تطرقنا في حديثنا إلى أحداث البحر الأحمر، وهل أخطأت أميركا عندما تركت الحوثي يصبح قوياً بالصورة التي أصبح عليها؟

فيجيب “عندما كنت أعمل في الحكومة الأميركية في الإدارة السابقة، صنف وزير الخارجية جماعة الحوثي منظمة إرهابية، فأتت إدارة بايدن لتبحث عن التقارب مع إيران والعودة للاتفاق النووي، وأزالوا الحوثيين عن قائمة الإرهاب. هذه الجماعة نمت ولم تخضع للمراقبة بصورة جيدة ولم تكن هناك معلومات استخباراتية كافية عنها، لذلك عندما تستهدف واشنطن اليوم أصول الحوثي فنحن لا نعلم كثيراً عنها ولا كم تبلغ، وبذلك نعم نمت هذه الجماعة. وهذا الوضع سمح للنظام الإيراني ليس فقط بالسيطرة على مضيق هرمز بل أيضاً على مضيق باب المندب… لقد كان هذا خطأً”.

ضربة القنصلية الإيرانية

يوصف شينكر الضربة الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية لدى سوريا ومن ثم الرد الإيراني، بالقول إن الإسرائيليين طاردوا هذه الأهداف السانحة في دمشق لأنه لا توجد حصانة لأفراد الحرس الثوري الإيراني في سوريا، فقط لأنهم في سوريا. وإذا كانوا متورطين في تنظيم هجمات على إسرائيل أو هجمات على الولايات المتحدة فهذه لعبة عادلة… الأحداث انتهت بما حدث حتى الآن لكنني لا أعتقد أن الإيرانيين يريدون تصعيداً هائلاً أو الذهاب إلى حرب واسعة النطاق”.

يأخذنا الحديث مع شينكر إلى الوجود الأميركي العسكري في الشرق الأوسط وتحديداً في كل من العراق وسوريا، وهنا توقفنا عند فرضية انسحاب القوات الأميركية من سوريا، فأتى رأيه أنه لا يزال هناك مستوى عال من عمليات “داعش” في سوريا، أكثر مما يحدث في العراق حيث تراجعت، وبغياب أميركا والتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية سيكون من الصعب احتواء “داعش” إلى حد كبير.

ويردف “النظام السوري لم يحارب أبداً تنظيم (داعش)، بل على العكس أطلق سراح كل الإسلاميين في بداية الحرب ولم يستهدف أبداً (داعش). وهناك قلق مشترك بين أميركا والعراق ودول أخرى في المنطقة وأوروبا من المخيمات مثل مخيم الهول الذي يضم آلاف المتطرفين، أجانب كانوا أو سوريين وعراقيين، فالأسد يستعملهم كورقة ضغط على أوروبا”.

عودة لحرب يوليو 2006

خلاله تسلمه مركز مساعد وزير الخارجية الأميركي في حينها، عمل شينكر أيضاً مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى لبنان، وعن الوضع الأمني في لبنان يقول “إن عدنا بالزمن لعام 2006 كان (حزب الله) حينها يمتلك كثيراً من القدرات من ضمنها 150 ألف صاروخ وقذيفة، فيما تكبدت البلاد خسائر كبيرة بعد الحرب حينها بلغت 6 مليارات دولار… واليوم في خضم الأزمة المالية القائمة يفضل غالبية اللبنانيين ألا تكون هناك حرب مع إسرائيل”.

ويتابع أن هذه الحرب إن حصلت ستكون فوضوية ومكلفة بالنسبة إلى إسرائيل، وستكون حرباً مدمرة للطرفين، معتقداً أن “حزب الله” لا يريد الذهاب نحو حرب كبيرة مع إسرائيل.

يتحدث شينكر عن مخطط لـ”حزب الله” بعد السابع من أكتوبر، كان يقضي بأن تنتشر قوة الرضوان كلها على الحدود، وأن تهاجم خلف خطوط الإسرائيليين في أراضيهم، وأن تحتجز رهائن، وتحدث فوضى، وفي الوقت نفسه يستخدم الحزب صواريخه الاستراتيجية والتكتيكية لاستهداف المنشآت والمواقع الاستراتيجية الإسرائيلية، لكن تل أبيب لديها الآن 70 ألف جندي على الحدود، لذا فخطة الحرب التي وضعها الحزب لم تعد فعالة.

ويقول “على رغم الفشل الاستخباراتي الكبير لإسرائيل في السابع من أكتوبر، فإننا رأينا في الأشهر الماضية عمليات استهداف لقيادات (حزب الله) ومستودعات أسلحته، فقد جمع الإسرائيليون مجموعة أهداف متقدمة وعميقة، وهم يظهرون، كما أعتقد، قدراً كبيراً من المعلومات الاستخباراتية العملياتية التي من الواضح أن إسرائيل لم تكن تمتلكها في عام 2006. أعتقد أنهم استفادوا جيداً من الوقت”.

إنجاز بايدن وخطأه

ختمنا حديثنا مع شينكر بالحديث عن ملفات الداخل الأميركي، وتحديداً الانتخابات الرئاسية، وهنا قال إن هوية الرئيس المقبل لا يمكن حسمها من الآن وإنه “لا يزال هناك كثير من الوقت”، متطرقاً إلى إنجازات وإخفاقات بايدن خلال فترة ولايته. واعتبر شينكر أن الإنجاز الأكبر لبايدن كان خارج منطقة الشرق الأوسط، فيما من الصعب الإشارة إلى عديد من الإنجازات في المنطقة، أما إنجازه فكان في تشكيل تحالف في شأن أوكرانيا. قائلاً “إنه تطور ملحوظ، وإنجاز للدبلوماسية وتوحيد شركائنا في أوروبا وأماكن أخرى. ولذا أعتقد أن هذا فوز حقيقي… الولايات المتحدة أنفقت خمسة في المئة من موازنتها العسكرية، ومن خلال الشراكة مع أوكرانيا، ساعدنا في إرجاع روسيا إلى الوراء”.

لكن الإخفاق الأكبر لإدارة بايدن كان بحسب شينكر مثل كل الإدارات التي سبقتها، أنها أنتجت “برودة” في العلاقات مع الحلفاء في المنطقة وعلى رأسهم السعودية في البداية وعملت على التقارب مع إيران بصورة اختيارية، فاستغلت طهران هذا الوضع لكي تلتف على العقوبات وتعمل على تقوية ميليشياتها المحلية، وقال “أعتقد أن الإدارة تفهم هذه النقطة أفضل الآن، لكنه من المعيب أنها استوجبت ثلاث سنوات حتى تصل إلى هذه الخلاصة”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading