سؤالان يترددان في لبنان، الأول: كيف ومتى وأين سيكون الرد على اغتيال المسؤول العسكري الأول في «حزب الله» فؤاد شكر؟ والثاني: هل سيؤدي هذا الرد إلى الانزلاق نحو حرب مفتوحة تحرق نيرانها المنطقة برمتها؟
وثمة سؤال استطرادي: هل أن المفاوضات لوقف الحرب في غزة، وتاليا على الحدود اللبنانية أصبحت من الماضي، أم أن المساعي الدولية ستتحرك بقوة لمنع الانهيار، بدعم خيار السلام ووقف الحرب؟
من جهته، قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمة خلال مراسم تشييع شكر إن «حركات المقاومة يستشهد قادتها كما يستشهد مجاهدوها»، وأضاف: «نحن نشعر بالألم والفاجعة والأسى لأننا بشر طبيعيون وأصحاب عاطفة».
وقال نصرالله إن «ما حصل هو عدوان وليس فقط عملية اغتيال لأن فيه استهدافا للعاصمة ولمبان مدنية وقتلا لمدنيين واستهدافا لقائد كبير في المقاومة»، وأضاف: «العدو سوق قبل أيام من عدوانه أن ما سيفعله هو ردة فعل ونحن لا نقبل بهذا التقييم».
وتوقف عند حادثة مجدل شمس، فقال إن العدو سارع إلى توجيه الاتهام في هذه الحادثة ولم يقدم أي أدلة ونصب نفسه مدعيا عاما، وكان هدفه من اتهامه المقاومة هو الفتنة الطائفية، ونحن نفينا مسؤوليتنا عما جرى في مجدل شمس وتحقيقنا الداخلي يؤكد أنه لا علاقة لنا بما جرى». ولفت السيد نصر الله إلى اننا «ندفع ثمن إسنادنا لغزة، ونحن نتقبل هذا الثمن»، مضيفا إننا «أمام في معركة كبرى تجاوزت فيها الأمور مسألة جبهات الإسناد وفي معركة مفتوحة في كل الجبهات وقد دخلنا في مرحلة جديدة».
وسأل: «هل يتصورون ان يقتلوا القائد إسماعيل هنية في طهران وتسكت إيران؟»، وتابع: «إيران ترى في هذا الاغتيال مساسا بأمنها القومي وسيادتها ومساسا بالشرف».
وختم نصرالله: «المقاومة لن تستسلم لا في غزة ولا في لبنان ولا في اليمن، وإذا كان احد مهتما بألا تذهب المنطقة إلى ما هو أسوأ، فعليه الضغط لإنهاء العدوان على غزة، وعلى العدو ومن خلفه أن ينتظر ردنا الآتي حتما، وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان (…) القرار الآن في يد الميدان والميدان هو الذي يعرف ظروفه ونحن نبحث عن رد حقيقي ومدروس جدا وعن فرص حقيقية لا عن رد شكلي».
في المقابل، وضمن الجهود الديبلوماسية والاتصالات السياسية الخاصة بتفادي التصعيد، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الكبيرة أمس، وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يرافقه وزير الدفاع جون هيلي مع الوفد المرافق.
وشدد ميقاتي على «أن إسرائيل انتهكت السيادة اللبنانية واعتدت على أرضنا مخالفة القوانين الدولية وتعتدي يوميا على المدنيين بشكل سافر».
وقال: «الحل لن يكون إلا سياسيا عبر تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701».
ودعا بريطانيا والمجتمع الدولي إلى «الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها».
في حين طالب وزير الخارجية البريطاني جميع الأطراف باحترام القرار الدولي الرقم 1701 وتطبيقه بكل بنوده ومندرجاته.
فيما أشاد وزير الدفاع جون هيلي بالشركة القائمة بين الجيشين اللبناني والبريطاني. ودعا إلى «معالجة كل النزاعات بالحوار والأساليب الديبلوماسية، لأن العنف ستكون عواقبه وخيمة على الجميع».
وكان الوزيران التقيا قبل الظهر وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري. ومن عين التينة أكد الوفد البريطاني اهتمام بلاده للوصول إلى التهدئة ووقف النار في غزة ولبنان، مبديا قلقا بالغا من التصعيد الأخير. في حين جدد الرئيس بري التأكيد ان لبنان لا يريد الحرب، لكنه مستعد في الوقت عينه للدفاع عن نفسه.
توازيا، رجح مصدر مطلع
لـ «الأنباء» تجنب الحرب الواسعة. وقال: إن طهران «لن تستطيع إدارة ظهرها لما حصل، لكنها في المقابل ستراعي أمرين: الأول ألا يطول الاستهداف المدنيين، والثاني عدم الذهاب إلى حرب واسعة لا تريدها إيران لانها قد تخرب مشاريعها الإقليمية التي تعمل على ترسيخها على مدى عقود».
في الداخل اللبناني، قدمت مؤسسات أجنبية وأخرى لبنانية خاصة موعد خروج موظفيها باكرا قبل انتهاء الدوام الرسمي، بسبب تشييع «حزب الله» لمسؤوله فؤاد شكر، وإلقاء أمينه العام السيد حسن نصرالله كلمة.
إلا ان المواطنين استمروا في يومياتهم المعتادة، سواء بالتوجه إلى أعمالهم أو القيام بأنشطتهم الصيفية. ولم تشهد حركة مطار بيروت الدولي تراجعا في حركة الوافدين لتمضية إجازة الصيف في ربوع الوطن، رغم تعديل عدد كبير من شركات الطيران العربية والأجنبية مواعيد رحلاتها، وإلغاء البعض منها في فترة الليل. واستمرت المهرجانات الصيفية من فنية ورياضية واجتماعية ثقافية في مواعيدها دون تعديل.
كما شهدت المرافق الحيوية حركة عادية، ولم يندفع الناس بكثافة نحو متاجر بيع المواد الغذائية والأفران ومحطات الوقود.
صحيح أن قسما من المواطنين يتوجس من ارتفاع حدة المواجهات، إلا انهم يواصلون يومياتهم الروتينية انطلاقا من خبرة طويلة لهم مع الأزمات الحياتية المعيشية وتلك التي تسببها الحروب. في الضاحية الجنوبية لبيروت، حديث عن نزوح البعض من أهلها إلى أماكن متوافرة لهم في قراهم بالجنوب او لدى أقارب في الجبل. والبعض لجأ إلى استئجار منازل أو غرف، إلا ان كثافة السكان في تلك البقعة، لا تجعل قاصدها يشعر بشغور قد حصل جراء مغادرة البعض. وفي الطرقات زحمة سير على مداخل العاصمة كافة، وفي ساعات الذروة وقت عودة الموظفين من دوامهم الرسمي، إلى إقفال أوتوستراد المتن المؤدي إلى جبيل والشمال في شكل خانق عصرا على المسلك الشرقي للمغادرين إلى الضفة الأخرى من نفق نهر الكلب في اتجاه الشمال.
تطورات يوم أمس وما قبله، لم تحجب الأنظار عن ذكرى سنوية عزيزة لدى اللبنانيين، هي مصادفة الاول من أغسطس عيد الجيش اللبناني. وكانت وقفات تحية للجيش وشهدائه وتقديرا لتضحياته.