وبتكليف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اجتمع وزير العدل هنري الخوري مع أعضاء لجنة المعتقلين في السجون السورية برئاسة مدعي عام بيروت القاضي زياد أبو حيدر لمتابعة الأوضاع المستجدة في سوريا، وتقرر التواصل مع القوى الأمنية من قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة؛ لمعرفة ما إذا كانت لديهم أي معلومات تصلح للبناء عليها في ملف المعتقلين في السجون السورية، وللتأكد من الأسماء المحررة من مختلف السجون خلال اليومين الماضيين.
ووفق بيان صادر عن وزارة العدل، تم خلال الاجتماع تكليف العميد علي طه لتقصي الحقائق حول المعتقلين المحررين لمتابعتها ومعالجتها وفقاً للأصول، على أن تبقى مسألة المعتقلين قيد المتابعة مع رئيس الحكومة، ووزير العدل الذي سيتابع اجتماعاته في الأيام المقبلة مع أعضاء هيئة المفقودين في السجون السورية.
عائق أساسي
وكان الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية اجتمع في الأيام الماضية بـ«الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تم إنشاؤها عام 2018 لمتابعة ملف المفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا التي تشكلت عام 2005.
وشدّد رئيس الحكومة «على وضع كل الإمكانات المتوافرة، والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الإفراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
ودخل الأمن العام اللبناني أيضاً على الخط في محاولة لتحديد مصير اللبنانيين المعتقلين، والمساهمة في إعادة المحررين منهم إلى لبنان. إلا أنه وبحسب المعلومات، فإن العائق الأساسي الذي يحول دون تقدم الملف سريعاً هو غياب المرجعية الرسمية في سوريا التي يمكن الاتصال بها والتنسيق معها. وترجح مصادر رسمية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تتسارع الخطوات في هذا المجال فور بدء المعارضة السورية بتنظيم الأوضاع في الداخل السوري.
وشكّلت الدولة اللبنانية لجنة أمنية قضائية في عام 2002 للتنسيق مع الجانب السوري لتقصّي المعلومات عن المفقودين اللبنانيين في سوريا، وسلّمت الجانب السوري قائمة بنحو 560 شخصاً يؤكد ذووهم أنهم مسجونون في سوريا، وبينهم عضو المكتب السياسي في حزب «الكتائب اللبنانية» بطرس خوند. وأفرج النظام السوري عن 98 سجيناً لبنانياً في نهاية عام 2003، وأبلغ الدولة اللبنانية أنه لم يبق أي لبناني في السجون السورية.
معتقل يعود إلى لبنان بعد 33 سنة
وعلى وقع الزغاريد والمفرقعات وصل سهيل الحموي بعد 33 عاماً من الاعتقال في السجون السورية إلى لبنان، وبالتحديد إلى منطقة شكا الشمالية حيث تسكن عائلته. وبحسب المعلومات فإن الحموي بالأصل مواطن سوري، لكنه كان يعيش في لبنان، ومتزوج من لبنانية عندما تم خطفه. كما أن إخوته استحصلوا على الجنسية اللبنانية خلال فترة سجنه. وقد تم إبلاغه بعد 20 عاماً من الاعتقال أن تهمته كانت الانتماء لـ«القوات اللبنانية».
وأظهر فيديو تم تناقله عشرات الأشخاص وهم يستقبلون الحموي بالعناق والدموع.
وكان قد عاد أيضاً إلى لبنان معتقلان من بلدة عرسال مساء الأحد، هما مروان نوح ومحمد عمر الفليطي، بعدما كانا قد اعتقلا عند الحدود الشمالية اللبنانية، قبل خمسة أعوام في سجن عدرا في سوريا، بحسب ما قالت مصادر في عرسال لـ«الشرق الأوسط».
وانتقل عدد كبير من ذوي المعتقلين في السجون السورية إلى سوريا مع إعلان سقوط النظام وبدء الفصائل المسلحة تحرير المعتقلين، بحثاً عنهم، فيما نجح البعض في تحديد أماكن وجودهم عبر صور وفيديوهات وصور تم تناقلها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم عائلة علي حسن العلي الذي اعتقله الجيش السوري في لبنان قبل 39 سنة واختفى أثره.
تقصير من الدولة والهيئة
ويصف رئيس «المركز الإنساني لحقوق الإنسان» وديع الأسمر الملف بـ«المعقد والشائك»، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان يفترض أن تدعو الحكومة لاجتماع طارئ فور سقوط الأسد لدراسة التداعيات على لبنان، وإنشاء غرفة طوارئ من الهيئة الوطنية للمخفيين قسراً، ومن الأجهزة الأمنية والجمعيات التي تعمل على الملف، وذلك تمهيداً لإرسال وفد إلى سوريا للتواصل مع السلطات الجديدة، ووضع آلية للتأكد من هويات المحررين من السجون، والذين يُعتقد أنهم لبنانيون».
ويتحدث الأسمر عن «تقصير من الدولة ومن الهيئة»، داعياً إلى «تحويل سفارة لبنان في الشام إلى خلية نحل للاهتمام بهذا الملف، وتأمين عودة المحررين بشكل آمن، وكذلك البحث والنقاش مع السلطات السورية الجديدة بالأرشيف المرتبط بلبنان لتحديد مصير نحو 600 شخص من المخفيين قسراً».
سؤال من الجميل إلى الحكومة
ووجّه رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، النائب سامي الجميّل، الاثنين، سؤالاً خطياً إلى الحكومة اللبنانية عبر رئاسة المجلس النيابي، حول التدابير العاجلة المطلوبة لمعرفة مصير اللبنانيين المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا.
وفي رسالته، شدّد الجميّل على «ضرورة تحرك الحكومة اللبنانية بشكل فوري ومكثف لتحديد مصير اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية، والذين يزيد عددهم على 622 مواطناً لبنانياً، بالإضافة إلى اللبنانيين الذين تم إطلاق سراحهم مؤخراً من السجون السورية».