كما كان متوقعا" عاد ايمانويل ماكرون الى الإليزيه لولاية جديدة بعد فوزه بالجولة الثانية من الإنتخابات الفرنسية في ظل تكتل كل الأحزاب المناوئة لليمين الفرنسي وراءه و تضعضع أصوات المجموعات اليمينية الأخرى و عدم توحدها خلف لوبان .
لكن ما لا يمكن التغاضي عنه هو الرقم المعبر الذي حصلت عليه مارين لوبان وحدها و هو الذي يعكس تبدل المزاج في المجتمع الفرنسي في السنوات الأخيرة .
عندما تحصل لوبان وحدها على حوالي 42% من أصوات الناخبين في فرنسا علينا التمعن قليلا" في النتيجة خاصة و أنه و للمرة الثانية تتكتل كل أحزاب و مجموعات فرنسا ضدها لإسقاطها فماذا يعني كل ذلك ؟
ما جرى يعني شيئا" واحدا" أن الشعب الفرنسي و اوروبا بدأوا يتلمسون الأخطار الداهمة على حضارتهم و ثقافتهم من النواحي الديمغرافية و الإتنية و أنهم بدأوا يستفيقون من الغيبوبة التي وضعتهم فيها أحزاب اليسار الجديد و نظرياتها الفاشلة التي ستؤدي بنهاية المطاف الى تغيير الهوية التاريخية للقارة العجوز و بالتالي تراجع حضورها الثقافي رويدا" رويدا" في العالم .
قالت لوبان أن النتيجة هي بداية و ربما صحّ كلامها بعد كم الأصوات الكبير الذي حصلت عليه و من يقرأ بعمق النتيجة لن يرى سوى صعودا" هائلا" لليمين الذي يحلو للبعض تسميته بالمتطرف و لن يرى الا مستقبلا" اتيا" لهؤلاء و بداية أفول للسياسات التي غيرت وجه اوروبا و فرنسا تحديدا" في السنوات الأخيرة .
اليمين يصعد في أوروبا من انتخابات البرلمان الأوروبي الى اقتراب لوبان للمرة الثانية من الإليزيه و هذا الصعود لديه اسبابه فما هي ؟؟
السبب الأول هو أن اليمين و بالحقيقة هو وريث الهوية التاريخية لأوروبا و هو من يحمل ارثها الثقافي و الحضاري و التاريخي و بالتالي يشبه طبيعتها أكثر من الاخرين الذين حتى لو فازوا مرحليا" ستلفظهم شعوب تلك القارة مستقبلا" و الشواهد كثيرة .
السبب الثاني هو معاناة لشعوب الأوروبية من تداعيات الهجرة غير الشرعية اليها و ليس من الهجرة ذاتها ... فالاتون الى فرنسا و أوروبا اليوم ليسوا شعوبا" عادية تطلب ملجأ" امنا" من اضطهاد أو ملاحقة ... الاتون بأغلبهم هم مجموعات مؤدلجة و مؤطرة عقائديا" و فكريا" تعمل بطريقة مدروسة و ممنهجة لتغيير هويتها و إحلال هوية أخرى مكانها و هنا بيت القصيد فالشعوب الأوروبية بدأت تتحسس تلك المشكلة في حياتها اليومية من محاولة تغيير تقاليدها الى محاولة فرض أمور عليها لا تشبهها خاصة أن أولئك المهاجرين يحملون أفكارا" متزمتة رجعية سوداء لا تقبل الاخر المختلف و لا تشبه بشيء الشعوب الأوربية .
من يتناسى تاريخ أوروبا الدموي و الحروب الدينية التي جرت فيها و سفك الدماء الهائل الذي حصل لا يستطيع قراء المستقبل ... و كي لا نخدع أنفسنا أوروبا الحروب المقدسة سابقا" ستنتفض حتما" على محاولات غزوها إن لم يكن اليوم فغدا" .
من فرنسا الى إيطاليا الى اسبانيا و المانيا و كل دول الاتحاد الأوروبي لن نرى الا منحى" تصاعديا" لليمين من الان فصاعدا" لأن اليمين يشكل في مكان ما عودة الى هوية تلك الشعوب الأصلية و مقاومة المد و شبه الغزو الذي تتعرض له هذه القارة من ناحية أخرى .
ربما لن يعجب هذا الكلام كثرا" و لكنه وصف دقيق لما تعانيه أوروبا اليوم و لمستقبلها القريب الاتي .
الخوف في الستقبل هو من تزايد أعداد المجموعات المهاجرة المتطرفة و من صعود اليمين ما سيؤدي حتما" الى الإصطدام و الإنفجار الكبير .
ملاحظة : المقصود بالمهاجرين هم المجموعات المتطرفة فقط و ليس كل المهاجرين بالطبع .