شاهدوا برامجنا

Share
مقال
موجات الهستيريا القاتلة و كلفتها الباهظة علينا... الى متى ؟

موجات الهستيريا القاتلة و كلفتها الباهظة علينا... الى متى ؟

 Posted on Sunday, April 10, 2022

أعدّ التقرير و كتب المقال : شربل نوح
Thursday, April 21, 2022
ظاهرة غريبة ضربت مجتمعاتنا اللبنانية في سنوات ما بعد الحرب الأهلية أو أقله منذ أواخرها و حتى اليوم .

هي ظاهرة الهستيريا أو الجنون الجماعي التي تؤدي الى تعطُّل عقول الناس و بالتالي دفعهم نحو خيارات انتحارية تستفيد منها قلّة قليلة من الوصوليين المتزلفين الذي يَظهرون بمظهر الحملان البريئة و هم بالواقع ذئاب كاسرة .

ما هي هذا الظاهرة تحديدا" و ما مفاعيلها و تأثيراتها على مجتمعاتنا و على لبنان مع الوقت ؟

أول ظاهرة هستيريا جماعية اجتاحت المجتمع اللبناني و بغض النظر عن صوابيتها من عدمها كانت الظاهرة التي حصلت في ما سمي بقصر الشعب عام ١٩٨٩ و التي ضربت الناس وقتها من دون مبرر فعلي لذلك و هي كانت فاتحة موجات الهستيريا الأخرى و كلنا يذكر كيف تخطّى بعض الأشخاص في مفرداتهم و مقارناتهم محرَّمات دينية و سماوية بلحظة جنون و طيش عاد بعضهم و ندم عليها لاحقا" .

ماذا نعني بالهستيريا الجماعية ؟؟ نقصد بها تحديدا" الحالة التي تدفع المجتمع للإنجرار نحو خيارات أو أشخاص أو شعارات دون سؤال أو تفكير و بالتالي دون السماح للآخرين حتى بمناقشة هذا الخيار  … أي اعتبار خياراتنا هي الحقيقة المطلقة و الخلاص و بالتالي لا نقاش فيها و وضع كل الآخرين في خانة المشكوك بأمرهم و تصنيفهم عشوائيا" و اعتبارهم جميعا" على خطأ مع ما يترتب على ذلك من تخوين و تنكيل فكري بكل من يخالفنا الرأي.

بعض موجات الهستيريا لم تكن مضرة لا بل بالعكس فالموجة الهستيرية الكبرى التي ضربت المجتمع السني اللبناني بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري كانت نتائجها إيجابية جداً على لبنان لأنها دفعت السنة و لأول مرة في تاريخهم و تحت ضربات أخصامهم الى الإتحاد مع بعض المكونات الأخرى ما أدى الى إنهاء  الوصاية التي طال أمدها في لبنان مع ما جرّته من خراب وويلات لكن مفاعيلها تبقى مرحلية و محدودة و ما يجري اليوم بين السنة و المسيحيين من انتكاسة خطيرة في العلاقة هو الشاهد الاساسي على قولنا هذا   .

بكل الأحوال يبقى هذا النوع من الهستيريا و بالرغم من بعض ايجابياته  نادرٌ جداًّ فبالمجمل تكون هذه الموجات مدمرة و حتى قاتلة أحياناً و هي تؤثر بشكل عام سلبياً على مستقبل لبنان و جماعاته و الدليل ما حصل بعد ثورة الأرز و ما عرف وقتها بالاتفاق الرباعي عندما اختار المسيحيون كردة فعل و في أكثر من انتخابات مجموعات و أحزاب أثَّرت عليهم بالمجمل سلباً و أخذتهم معها الى أماكن لا تشبه تاريخهم و خيارات أثبتت الأيام و الأحداث أن لا مصلحة لهم بها .

لماذا نتكلم عن هذا الموضوع اليوم ؟؟

نتكلم عنه لأنه و بعد كل ما عانيناه سابقاً نتيجة الجنون و تعطُّل العقل كنا اعتقدنا أن هذه الموجات بدأت بالخفوت و عاد الناس الى طبيعتهم بالتفكير الهادئ و الخيارات المنطقية لكننا اكتشفنا قجأة خاصة بعد انتفاضة ١٧ تشرين أن ما حصل  كان العكس  تماماً للأسف .

كلنا يعرف ما جرى في مرحلة ١٧ تشرين و ما تلاها لكن الذي غاب عن اذهاننا و نظرنا لوهلة هو مجموعات المتسلقين و الوصوليين و بعض المؤدلجين (الذين يعيشون فكريا" خارج عصرنا) و الذين ظهروا بلمح البصر و نصَّبوا  أنفسهم قادة للثورة دون أن ينصِّبهم أحد  فحاولوا احتكارها و بدأوا بالمتاجرة بها و المقايضة عليها و إجراء الصفقات و الحسابات الخاصة بهم و مارسوا هواياتهم المفضلة بالتخوين ما أدى الى خروج مجموعات كبرى منها و بالتالي إضعافها  ثم بدأوا بضخ أفكارهم الشعبوية بين من تبقى داخلها من بعض الطيبين السذّج حتى وصلوا الى تحصيل عدد من النواب في الانتخابات الأخيرة نتيجة لأسباب موضوعية أخرى لا مجال لذكرها في هذا النقرير.

ما يزعج في هذا الموضوع ليس هؤلاء الشعبويين الطامحين الذين كشفوا عن وجههم الحقيقي باكرا" في انتخابات رئاسة المجلس أمس … المزعج أن الناس نفسها التي خُدعت من آخرين سابقاً و عطَّلت عقلها و رفضت النقاش في أي شيء و اوصلتنا بخياراتها الى حيث وصلنا عادت و كررت نفس الخطأ و بنفس الطريقة لكنَّ الفارق هذه المرة أننا في مرحلة مفصلية و دقيقة و خطرة جداً من تاريخنا و بالتالي الوضع اللبناني برمَّته لا يحتمل جنوناً مشابهاً .

من يذكر ردات فعل من أصيبوا بخيبة الأمل أمس من نواب ما سمي بالتغيير عند كلامنا معهم و محاولتنا مناقشتهم بخياراتهم المستجدة ؟؟

من يذكر بماذا كانوا يجيبوننا عند تحذيرنا لهم و محاولتنا لفت نظرهم على بعض الأخطاء ؟؟

من يذكر جنونهم و إقفال الباب أمام أي نقاش علمي و موضوعي هادئ و بالعمق حول هؤلاء الطارئين المستجدين الذي اتوا ليبنوا زعامات جديدة على حساب المساكين ؟؟

الى متى ستستمر حالات الهستيريا و الجنون القاتل في مجتمعاتنا ؟؟؟ لقد وصلنا الى النهاية و لم نتعظ أو نتعلم و مازال بعض الوصوليين المتزلفين الذين تنقلوا في الخيارات يمنة و يساراً قادرين على الضحك على الناس و المتاجرة بهم و بيعهم الوهم ليستفيدوا بثلاثين من الفضة من هنا و هناك ؟؟

يقول المثل كما تكونون يولَّى عليكم … يجب أن يتعلم اللبنانيون تحمل مسؤولية خياراتهم من الآن فصاعداً … هم اليوم اختاروا هؤلاء و ها هي النتيجة واضحة أمامهم …  لقد تجلَّت  بأكثرية فاقعة لحزب الله أمَّنها له بعض منتحلي صفة الثورة الذين حذرنا منهم طويلاً … للأسف ربما فات الأوان لنتعلم و سقطنا حميعاً في المجهول .
Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top