قرانا فارغة من أهلها ... نزوح جديد مقلق و محزن بسبب الأزمة
Posted on Sunday, April 10, 2022 كاتب المقال : شربل نوح - صدى الارز
Thursday, April 21, 2022
نذهب الى قرانا يوم الأحد لنزورها و نرتاح فيها فنراها فارغة إلا من الساكنين الدائمين فيها على غير عادة في هذا الوقت من السنة .
نكمل صعوداً نحو قرى أخرى بينها إهدن و التي تبدأ بوادر موسم الإصطياف فيها بالتبلور اعتباراً من هذه الأيام .
محال كثيرة مقفلة … مطاعم لم تفتح ابوابها بعد … أغلب البيوت و الطرقات فارغة … نكاد لا نصدق أنها إهدن التي كانت تعج بالناس خاصة أيام الآحاد .
نجول في المناطق المحيطة … نفس المشهد يتكرر في كل قرية جردية نمر بها فماذا يحصل ؟؟
بحِسْبَة بسيطة نجد أن رب العائلة و إن أراد الصعود الى قريته مرة في الشهر ستكلفه هذه الزيارة بين محروقات و لوازم أخرى حوالي المليون و نصف ليرة بأقل تقدير أي ضعف الحد الأدنى للرواتب في لبنان فمن أين ستأتي الناس بالأموال لتستمر بممارسة عاداتها السابقة ؟؟
لا شك بأن الازمة غيرت كثيراً من عادات و تقاليد اللبنانيين خاصة لمّة العائلة على غداء جبلي أيام الآحاد و لا شك أن على اللبنانيين الإعتياد على هذا النمط الجديد من الحياة .
لكن الأخطر في كل ذلك هو الهجرة النهائية هذه المرة من القرى النائية و الأطراف و التي كانت تعاني أصلاً من نزوح الناس منها و تمركزهم في المدن الكبرى لأسباب شتى منها التهجير الذي حصل في الحرب و منها أسباب اقتصادية و اجتماعية أخرى .
كأن هذه الأزمة أتت اليوم لتقضي نهائياً على ما تبقى من حضور على قلته في هذه المناطق … لا زراعة بسبب الكلفة الباهظة … لا سياحة بسبب الغلاء المستفحل خاصة وأن سياحة هذه القرى تاريخياً كانت سياحة داخلية لم تعتمد بشكل أساسي على السياح الآتين من الخارج و الذي تركوا لبنان أصلاً منذ زمن .
إنهيار في كل شيء … سكون و قلق و ألم عميق … الأندية و الجمعيات و الرعايا التي كانت تنشط في مثل هذه الأيام تحضيراً لموسم الإصطياف مشغولة بتأمين المواد الغذائية و العينية لمساعدة أهلها على الصمود و لا همَّ لها سوى ذلك لأن ما تفعله له الأولوية المطلقة على كل شيء … فبقاء و استمرارية المجتمع أهم من الكماليات و الترفيه.
ريف نازح ليس لديه القدرة أصلاً على العودة لأن الخيار لم يعد متاحا" اليوم بسبب استفحال الأزمة … قرى فارغة حزينة تشتاق لأهلها و زوارها المعتادين … وطن يصارع الموت و شعب مستهتر يلهونه بجدل عقيم فارغ حول جنس الملائكة و هو يصفق بغباء .