شاهدوا برامجنا

Share
لبنان
أوراق بن لادن.. تفاصيل آخر مراسلات زعيم القاعدة
الحرة
Thursday, April 21, 2022
منذ مقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، بغارة للقوات الخاصة الأميركية في 2 مايو 2011، بقيت الوثائق التي عثر عليها في مقره في مدينة آبوت آباد، في باكستان، غير متاحة، قبل أن ترفع الأجهزة الاستخبارية الأميركية السرية عنها تدريجيا.

استمرت العملية العسكرية التي أدت إلى مقتل بن لادن 48 دقيقة، حيث نزل فريق من جنود القوات الخاصة الأميركية إلى المجمع الكبير الذي سكن فيه، وقتل بن لادن وفريقه الأمني في ثلاثين دقيقة من العملية.

وفي الدقائق الـ18 المتبقية، شرعت قوات "سيلز" الخاصة بجمع محركات الأقراص الصلبة وغيرها من الإلكترونيات.

وقالت مجلة Foreign Policy الأميركية في تقرير إنه "ثبت أن الوقت الإضافي الذي قضاه الفريق بجمع المواد يحمل قيمة كبيرة، حيث أن المعلومات التي حصلت عليها تلك القوات، قادت على الأرجح لمقتل قادة رئيسيين آخرين في تنظيم القاعدة في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك.

وفي 2017، رفعت وكالة المخابرات المركزية السرية عن جميع الملفات التي يزيد عددها عن 470،000 ملفا تقريبا.

ونقلت المجلة عن "أول دراسة شاملة للأرشيف" قامت بها الكاتبة نيللي لحود في كتابها "أوراق بن لادن: كيف كشفت غارة أبوت أباد الحقيقة حول تنظيم القاعدة وزعيمه وعائلته".

واحتل الكتاب قوائم الأعلى مبيعا خلال فترة صدوره

وقالت المجلة إن الكتاب يقدم نظرة من وراء الكواليس على بن لادن ومنظمته في العقد الممتد بين أحداث سبتمبر 2011 وغارة أبوت آباد.

واطلعت لحود، وهي زميل أقدم في مركز نيو أميركا ودرست سابقا في مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، على ما يقرب من 6000 صفحة من الوثائق باللغة العربية التي تشكل مراسلات بن لادن الداخلية مع شركائه وتأملاته الشخصية.

ووفقا للمجلة، كان بن لادن يتواصل مع أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة من خلال حفظ الملفات الإلكترونية على بطاقات SIM الهاتفية التي تم نقلها إلى شركائه عبر شبكة البريد السريع.

وأدى الكشف عن تلك الشبكة في نهاية المطاف إلى مقتل بن لادن، ولكن لمدة ست سنوات – من عام 2005 إلى عام 2011 – مكنته هذه الطريقة من التواصل مع مرؤوسيه في منطقة وزيرستان الباكستانية وأماكن أخرى.

ووفقا للحود، كان بن لادن مسؤولا بالكامل عن تنظيم القاعدة حتى وفاته. ولكن بحلول 2011، كان تنظيم القاعدة أضعف بكثير من نسخته السابقة التي هاجمت الولايات المتحدة.

وخلافا للصورة التي سعى قادة القاعدة إلى إظهارها عن التنظيم باعتباره عملاقا في "الحركة الجهادية العالمية" – وهو تصور يشاركه العديد من المسؤولين الحكوميين الغربيين ومحللي الإرهاب الذين غالبا ما خلطوا بين القاعدة والحركة "الجهادية" العالمية الأكبر – تجد دراسة لحود أن التنظيم أضعف بشدة في الأشهر التي تلت 11/9.

وبحلول عام 2004، كتبت لحود أن المنظمة "كانت مدمرة تقريبا". وكان معظم كبار قادتها قد قتلوا أو اعتقلوا.

وفي ذلك العام، اشتكى العديد من القادة إلى بن لادن من "أوجاع" و"مشاكل" أصابت القاعدة. وأشار أحدهم إلى "الضعف والفشل وانعدام الهدف الذي أصابنا" بعد 11/9.

في حين سلط آخر الضوء على الوضع المالي الصعب للجماعة وحقيقة أن الضغط من باكستان قد وضع حدا للتخطيط لهجمات إرهابية في الخارج.

وأعرب آخر عن أسفه لمقتل 22 "أخا" واعتقال 600 آخرين من قبل السلطات الباكستانية.

هجمات دولية
أراد بن لادن من مساعديه تركيز جهودهم على التخطيط لهجمات إرهابية دولية، لكن المجموعة كانت ببساطة غير قادرة، وفقا للحود.

ولا تجد لحود أي دليل على أن تنظيم القاعدة دبر الهجمات الكبرى التي نسبت إليه خلال هذه الفترة، بما في ذلك تفجيرات مدريد عام 2004 وتفجيرات لندن عام 2005.

وكثيرا ما ربطت التغطية الإعلامية هذه الأحداث بتنظيم القاعدة، حتى عندما كانت الصلة ضعيفة في أحسن الأحوال، وفقا للمجلة.

وكانت العملية الوحيدة بعد 11/9 التي وجهها بن لادن بنفسه هي هجومان في مومباسا، كينيا، في نوفمبر 2002، استهدفا فندقا مملوكا لإسرائيل وطائرة نفاثة إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 13 شخصا. وقد تم التخطيط لهذه الهجمات قبل 11/9.

ومن الواضح أن بن لادن كان محبطا، كما كتبت لحود، بسبب عجز جماعته عن شن هجمات دولية.

وأراد بن لادن أن تركز شبكته على مهاجمة الأميركيين حصرا، بهدف تحقيق "توازن الرعب" مع الولايات المتحدة. ومن وجهة نظره، فإن تنفيذ عمليات واسعة النطاق داخل الولايات المتحدة فقط يمكن أن يدفع الأميركيين إلى الضغط على حكومتهم للتخلي عن الشرق الأوسط.

وكان إجبار الولايات المتحدة على إخراج قواتها العسكرية من المنطقة هدفا طويلا لبن لادن، والتزامه باستراتيجية "العدو البعيد" هذه وضعته على خلاف مع الجماعات "الجهادية" الإقليمية التي تعمل تحت اسم تنظيم القاعدة، وفق تقرير المجلة.

طالبان والقاعدة
وتقول المجلة إن مخاوف بن لادن تقود إلى التشكيك في الادعاءات القائلة بأن عودة طالبان إلى السلطة تعني حتما تنشيط تنظيم القاعدة.

وتقول لحود إن القيادة المركزية للقاعدة لم تكن قادرة أبدا على السيطرة على الأحداث على الأرض في دول مثل العراق، بعد أن بدأت الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في الظهور.

وفي عام 2004، أدى أبو مصعب الزرقاوي، زعيم أشهر تلك الجماعات المرتبطة بالتنظيم، يمين الولاء (البيعة) لبن لادن.

وأعاد الزرقاوي تسمية مجموعته من "التوحيد والجهاد" إلى "القاعدة في بلاد الرافدين".

لكن بحلول عام 2007، يبدو أن الجماعة التي اتخذت من العراق مقرا لها، والتي أصبحت تعرف باسم دولة العراق الإسلامية، قد قطعت الاتصال تماما مع تنظيم القاعدة.

وتقول لحود إن بن لادن اقترح إعادة تسميتها، ربما إلى إمارة العراق الإسلامية، ولكن الحقيقة هي أنه لم يكن لديه سيطرة على عملياتها.

القاعدة في شمال أفريقيا
ويقول كتاب لحود إنه كان لبن لادن تأثير أكبر إلى حد ما على فروع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا (القاعدة في بلاد المغرب) واليمن (تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية)، ولكن في هذه الحالات أيضا، وجدت لحود أن هناك توترات وخلافات.

وقالت إن هناك انفصالا استراتيجيا أساسيا بين الفروع الإقليمية ذات التوجه المحلي ورؤية بن لادن الخاصة لـ "الجهاد العالمي".

وكان موقفه، كما كتب في عام 2010، أنه "لن ندخل في صراع مع الأنظمة المحلية إلا عندما يستنزف زعيم الكفر العالمي [أي أميركا] سلطاته ويقترب من الانهيار".

وبعبارة أخرى، فإنه من وجهة نظر بن لادن، "كان من الضروري أولا مهاجمة الولايات المتحدة وهزيمتها كشرط مسبق للتمكن من تنفيذ جهاد فعال ضد الحكام المحليين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين عارضتهم الجماعة. ولما ما لم تشارك المجموعات التابعة له هذه الرؤية، رأى أنها أصبحت عبئا"، وفق ما نقل تقرير المجلة عن الكتاب.

القاعدة وإيران
ويشير كتاب لحود إلى "القليل من الأدلة" على وجود تحالف بين القاعدة وإيران، وهي دولة غالبا ما ينظر إليها المسؤولون الحكوميون الغربيون والمحللون على أنها تدعم المنظمة التي تلت هجمات سبتمبر.

وفي حين أنه صحيح أن إيران وفرت ملاذا لأعضاء التنظيم الذين فروا من أفغانستان وباكستان في أواخر عام 2001، إلا أن العلاقة بين الطرفين كانت مشحونة منذ عام 2002 فصاعدا، كما تبين المجلة نقلا عن كتاب لحود.

واعتقلت إيران عددا من قادة القاعدة وعائلاتهم، ما دفع بعضهم إلى الإضراب عن الطعام ومحاولة الهروب بجرأة من الحبس.

وقالت إن هذه الأفعال، جنبا إلى جنب مع اختطاف تنظيم القاعدة للمسؤولين الإيرانيين لغرض التوسط في تبادل الأسرى، أدت في نهاية المطاف بإيران إلى إطلاق سراح معظم المعتقلين بحلول عام 2011.

وكانت علاقة القاعدة مع طالبان الأفغانية أكثر ودية، على الرغم من أن كتاب لحود هنا أيضا يجد دليلا على عدم الثقة بين الطرفين، وفق المجلة.

وقالت لحود في كتابها إن بن لادن كان "يقدس الملا عمر، الذي قاد طالبان حتى وفاته في عام 2013، لكنه كان متشككا بشدة في أولئك الذين رأى أنهم على وشك أن يخلفوه" وفي تقرير المجلة.

ويرى بن لادن أن طالبان كانت منقسمة بين معسكر "مخلص" من القادة المتدينين ومعسكر ثان يخضع للمخابرات الباكستانية.

وقد تسبب هذا الانقسام في قلقه بشأن مستقبل علاقة تنظيم «القاعدة» مع الجماعة، خاصة إذا انخرطت طالبان في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، كما فعلت لاحقا بالفعل.

تشكيك في استنتاجات لحود
وقال تقرير فورين بوليسي إن مراقبين مطلعين قد يميلون إلى "التشكيك" في الطبيعة الشاملة لبعض استنتاجات كتاب لحود.

فعلى سبيل المثال، كان لطالبان خلافاتها مع تنظيم القاعدة، لكن الجماعة رفضت مع ذلك التنصل من تنظيم القاعدة، وطرده خلال المفاوضات حول الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وفق المجلة.

كما أن من الصحيح إن الإيرانيين والقاعدة لم يكونوا على وفاق دائم، ولكن تبقى الحقيقة أن إيران وفرت المأوى – بل ولا تزال تفعل ذلك – للشبكة الإرهابية التي هاجمت الولايات المتحدة.

وفيما لم تمارس القاعدة دائما السيطرة على فروعها الإقليمية، لكن الجماعات التابعة لها "رفعت مكانتها ونشرت رسالتها" في جميع أنحاء المنطقة، وفق فورين بوليسي. كما إن بن لادن وإن "لم يكن متورطا شخصيا" في تفجيرات مدريد ولندن، لكنه مع ذلك "ألهم" الجناة بكلماته وطريقته.

لكن المجلة تقول إن الموضوع الرئيسي لأوراق بن لادن هو أن الولايات المتحدة وحلفاءها "بالغوا" إلى حد كبير في تقدير التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة كمنظمة مركزية في العقد الذي أعقب هجمات سبتمبر.

والمفارقة هي أنه "مع ضعف تنظيم القاعدة، كانت الحركة الجهادية الأكبر تزداد قوة وشعبية"، وفقا للمجلة.

وفي 2013-2014، عندما برز داعش إلى الواجهة، فشل خليفة بن لادن على رأس تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في وضع حد لصعوده.

وأمر الظواهري  أبو بكر البغدادي، أول زعيم لداعش، بمغادرة سوريا وحصر أنشطته في العراق، لكن البغدادي "وبخه"، وفق المجلة.

وتقول المجلة إن رواية لحود "تساعد في وضع تحدي البغدادي للظواهري في سياقه – فقد كان تنظيم القاعدة منظمة تجاوزت ذروتها ويمكن تجاهلها بسهولة".

Copyright © 2022 -  sadalarz  All Rights Reserved.
CSS smooth scrolling effect when clicking on the button Top