من الشغور الرئاسي إلى حاكمية مصرف لبنان المركزي والنتيجة واحدة: ضياع وتشتت دستوري، وتدهور مالي واقتصادي وهبوط في مستوى الثقة بالدولة اللبنانية، نتيجة فلتان ذئاب المال والمصارف، بغياب الراعي المركزي، حتى ولو لم يكن بمستوى الأمانة التي يتطلبها هذا المقام.
وفي حين هدد نواب حاكم المصرف الأربعة بالاستقالة الجماعية ما لم يتم تعيين البديل، وبعد فتوى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإمكانية التعيينات الملحة من قبل حكومة تصريف الأعمال، عملا بنظرية «الضرورات تبيح المحظورات»، فإن ثمة من قرأ في بيان نواب الحاكم دعما لنظرية رئيس المجلس والتي ضمنها تعيينات أخرى ملحة، وأبرزها رئاسة أركان الجيش وهو موقع شاغر، وآخرون ترجموا البيان برغبة في القول «نبقى معا أو نذهب معا»، كخطوة تضامنية مع الحاكم رياض سلامة الذي اتهمه القضاء الفرنسي بالاختلاس وتبييض الأموال والمتاجرة بسندات خزينة الدولة، وحجز كل أمواله المنقولة وغير المنقولة في فرنسا.
وتبقى السيناريوهات المطروحة قيد الدرس، وبينها من يطرح التمديد لرياض سلامة أو تعيين حاكم جديد يتفق على اسمه مختلف الفرقاء.
ولكن إذا كانت «الضرورات تبيح المحظورات»، بحسب الرئيس بري، فإن لحليفه في «الثنائي ـ الشيعي» الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رأيا مغايرا، حيث سبق أن أعلن رفضه أي تعيينات تصدر عن حكومة تصريف الأعمال، وهنا يتقاطع موقف نصرالله مع مواقف القوى المسيحية التي ترفض تعيين الحاكم أو سواه في ظل الفراغ الرئاسي، ورفضها ان تكون لحكومة تصريف الأعمال صلاحية تعيين موظفي الفئة الأولى.
لكن ما يحدث هو ان الاتصالات ناشطة ليمر تعيين الحاكم الجديد عبر اقتراح من قبل وزير المال يوسف خليل الذي كان مسؤولا في المصرف المركزي، تحت إدارة الحاكم سلامة، وهو الآن محسوب على رئيس المجلس نبيه بري وبتغطية خارجية، أقله أميركية ـ فرنسية، ويتقدم المرشحين للحاكمية الآن وزير العمل السابق كميل أبوسليمان وهو محام دولي يحظى بالقبول الأميركي خصوصا.
النائب علي حسن خليل سأل أمس ماذا فعل الرئيس السابق ميشال عون يوم كان رئيسا في الملفات المالية والتدقيق الجنائي؟ وقال ان حركة «أمل» والرئيس بري يطالبان بنشر تقرير «الفاريز آند مارشل» حول التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان المركزي، فيما اعتبر النائب فؤاد مخزومي تهديد نواب الحاكم تواطؤا وهروبا من المسؤولية.
مصادر قريبة من رئيس الحكومة، قالت إنها فوجئت ببيان نواب الحاكم، وأن الضرورات يمكن ان تحتم على الحكومة القيام بخطوة لابد منها إذا لو بلغت الأمور مرحلة لا يمكن مواجهتها إلا بمثل هذه القرارات.
في هذه الأثناء، عاد الهدوء إلى محيط بلدة كفرشوبا اللبنانية الحدودية مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد توتر اعقب انطلاق قذيفة من الجانب اللبناني، انفجرت على الجانب الإسرائيلي من الحدود رد عليها الإسرائيليون بعشرين قذيفة مدفعية، بحسب المتحدث الإسرائيلي، الذي حدد نوعية القذيفة المنطلقة من داخل الأراضي اللبنانية بأنها صاروخ مضاد للدبابات وليس قذيفه هاون، وهو من نوع «كورنيت» روسي الصنع سبق لحزب الله ان استخدمه في حرب 2006.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التقى ممثلي الأمم المتحدة وقائد القوات الدولية، مؤكدا التزام لبنان القرار الدولي 1701، ودعا الأمم المتحدة للعمل على وقف الخروقات الإسرائيلية، فيما لفت وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، الذي شارك في اللقاء، إلى تزامن الخروقات الإسرائيلية مع قرب تقديم طلب تمديد عمل «اليونيفيل» في جنوب لبنان إلى مجلس الأمن الدولي بغية توتير الأجواء.
في هذه الأثناء، أعلن حزب الله ان إسرائيل أنشأت سياجا شائكا وجدارا إسمنتيا حول بلدة الغجر، مما فصل جزئها اللبناني عن محيطه الطبيعي داخل الأراضي اللبنانية، ودعا الحزب الدولة اللبنانية، بمؤسساتها وشعبها، إلى منع تكريس هذا الاحتلال.