صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

تسوّل القرن الواحد والعشرين.. حين يصبح تيك توك وسيلة الشباب للحصول على المال

 تسوّل القرن الواحد والعشرين.. حين يصبح تيك توك وسيلة الشباب للحصول على المال.. فهل تدفعهم الحاجة أم ركوب الموجة؟

 

تحت وطأة أوضاع مزرية، يجلس مسنون وشباب لساعات داخل خيم مقفرة، وأعينهم شاخصة أمام هواتفهم النقالة، بهدف الظهور في بث مباشر وممارسة آخر ابتكارات الذكاء الاصطناعي: التسول الافتراضي أو ما يمكننا تسميته “التسوّل عن بعد”.

خلال تصفّح تطبيق تيك توك، تلك المنصة الشهيرة التي جذبت خلال السنوات الأخيرة ملايين المستخدمين وتحديدًا خلال فترة الإغلاق مع انتشار فيروس كورونا، تظهر عشرات المقاطع والفيديوهات المباشرة التي حوّلت الكثير من الشباب إلى متسوّلين.

بين التسوّل والإيحاءات الجنسية

بحال يُرثى لها، يظهر هؤلاء الشباب غير مبالين بنظرة المجتمع لهم، بل على العكس، فهم يحرصون بشكل خاص على إظهار أسوأ حياة قد يعيشها الإنسان، بغية الحصول على بضعة دولارات. يُمكن وصف هذه الاستراتيجية المتبعة من قبل هؤلاء بـ”عدة الشغل”، التي تتطلب إظهار كمٍّ عالٍ من البؤس لجني أكبر مبلغ من المال.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

هذه النماذج، التي لا تُعدّ ولا تُحصى، تأتي إلى جانب شريحة أخرى من صانعي المحتوى تعتمد على الإيحاءات الجنسية لجذب الانتباه. لكن هذه المشاهد الأخيرة ربما لم تعد صادمة، نظرًا لانتشارها الواسع منذ فترةطويلة، وتحديدًا مع ظهور تطبيقات التعارف.

هذا الواقع بات يفرض سؤالًا محيّرًا للكثيرين: هل كان زانغ يمينغ، مخترع هذا التطبيق، يعلم عند إطلاق مشروعه الذي كان يهدف في البداية إلى نشر الفيديوهات الراقصة، بأنه سيتحول إلى مكان افتراضي للتسول، وأن كرامة البعض ستكون بلا معنى مقابل المبالغ المالية الكبيرة؟

وجد العاطلون عن العمل ضالتهم في هذه المنصة كفرصة للحصول على المال، ودخلوا في تحديات مباشرة مهينة؛ فتارة تراهم يلطخون أنفسهم بالبودرة أو البن، وتارة أخرى تجدهم يتحوّلون إلى كلاب أو يكسرون بيضة على رأسهم.

“بدنا أسد”

واللافت، أن أكثر ما تسمعه طيلة فترة النقل المباشر والتي لا تتعدى خمس دقائق، عبارات تتراوح بين شتم المتنافسين بعضهم البعض لزيادة الإثارة والتشويق، وأخرى تمدح الداعمين لحثهم على الدفع، إضافة لعبارات مثل “الله يخليكم دعم”، و”بدنا أسد أسد”. ووحدها كلمة “كفو” تظهر بوضوح بأن السمكة قد علقت في صنارة “التيكتوكر”.

خلال مشاهدة هذه الجولات، تشعر وكأنك في أحد الشوارع واستوقفك شخص محتاج يطلب المساعدة، إلا أن وقفة الأخير تحت أشعة الشمس أو زخات المطر تتطلب بالتأكيد تقديم المزيد من الجهد وقدرة أكبر على التحمل ممن يجلس في غرفته أمام هاتفه. لذا ستكون شحاذة “تيك توك ألا مود” أفضل من البقاء طيلة اليوم على الطرقات تدق نافذة هذا أو يتفضل عليك ذاك ببضعة قروش تخرج من جيبه.

الوضع على هذه المنصة مختلف، إذ يكفيك أن تصيب أسهمك أحد أصحاب الثروات ممن يتلذذون برؤية الناس في أوضاع مذلة ومشاهدة هذه التحديات والمشاركة فيها وفي تأجيجها كوسيلة للتسلية ولن تبدل المئات وحتى الألوف التي تخرج من جيوبهم الأرقام المسجلة في حساباتهم المصرفية بل ستغيّر واقع من يعيشون وهم لا يجدون ما يقتاتون به.

الأنكى، كان وقوعي على بث مباشر لرجل سوري كان يجلس في خيمة والمياه تغمر قدميه.. بقي على تلك الحالة لساعات وهو على كرسي أمام كاميرته، لم يتحرك حتى لسحب الماء من الأرض بل كان واقعه المرير فرصة أراد استغلالها لكسب استعطاف الداعمين وتحقيق أرباح أكبر. يبدو أنه كان سعيدا بما حدث له، ولكن هل كان ليتعامل بهذا الشكل مع منظر المياه التي غمرت خيمته وما تبقى له من مظاهر الحياة فيها قبل ظهور هذا التطبيق وانتشار هذه الظاهرة الجديدة؟

ما يصعب تصديقه أن هذه السلوكات لم تقتصر على من لم يجدوا مصدر رزق ، بل التحق بهؤلاء ايضا أشخاص يئسوا من تعثر أعمالهم فقرروا هم ايضا اللجوء الى تيك توك للحصول على نصيبهم من خير الداعمين وهداياهم، وكان لعدد من الممثلين العرب نصيب أيضا، بعد أن اكتشفوا أن التمثيل في دولهم لا “يطعم الخبز”..

بعد بحث معمّق في تلك الحالات على منصة تيك توك، تجد أن معظم هؤلاء الشبان هم من لبنان وسوريا وفلسطين والدول المتأزمة اقتصاديا… على عكس الدول الغربية التي يحسن مواطنوها استخدام هذا التطبيق لكثرة القيود التي فرضتها تلك الدول على الشركة الأم والتي هي طبعا غير موجودة في العالم العربي.

للإشارة فإن تيك توك، يسمح لك بشراء العملات من بطاقتك الائتمانية لإرسال الهدايا، وتبدأ هدايا التطبيق من وردة وهي الأرخص لا يتجاوز ثمنها بضع سنتيمات وتساوي نقطة واحدة، وتنتهي بتيك توك يونيفرس وثمنه حوالي 500 دولار ويساوي 34999 نقطة ! أو أن تنتظر ان تجمع هذه النقاط من خلال مشاركتك في دردشات ولكن نادرا ما يمكنك تجميع عملات تساوي أسدا أو حوتا..

أمام هذه الظاهرة المستفحلة، نشعر بالحاجة وحاجة المجتمعات العربية أيضا الى استئصال هذا الورم الخطير الذي يهدد الكبار والصغار. لكن، الخشية هنا ألا تلتفت السلطات والدول التي تناسبها فكرة رؤية الناس وهم “منشغلون” بكل ما يبعدهم عن المطالبة بحقوقهم وإسماع صوتهم، وذلك عبر دعم وإن كان غير مباشر لانخراط أكبر في هذه التطبيقات واستعمالها لمثل هذه المآرب.

الخبر من المصدر

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading