حالة استنفرت هجومًا حادًا من قبل المعارضة اللبنانية التي اعتبرت المناورة رسالة لها، لتحريك مواقفها في ملف الشغور الرئاسي، والانصياع لمطالب حزب الله، وترجيح كفة مرشحه.
وكان حزب الله أجرى يوم الأحد الماضي مناورة بالذخيرة الحية في بلدة عرمتى جنوب لبنان أمام وسائل الإعلام، تخللها عرض عسكري ومحاكاة لهجمات تستهدف إسرائيل عبر طائرة مسيّرة أو الاقتحام، بالتزامن مع الذكرى الثالثة والعشرين للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، في الخامس والعشرين من مايو/أيار عام 2000.
ورغم مرور أيام على تلك المناورة، إلا أن تداعياتها لازالت حاضرة في الداخل اللبناني؛ فـ31 من نواب المعارضة شنوا هجوما على حزب الله، معتبرين استعراضه العسكري أحد مظاهر “المليشياوية” التي يمارسها منذ سنوات، ويناقض به بالكامل مفهوم الدولة بكافة معاييرها.
رسائل للداخل أم للخارج؟
واعترض نواب المعارضة في بيان خلال مؤتمر صحفي عقدوه يوم الجمعة، على مناورة حزب الله ، قائلين، إن “حزب الله، وجه جملة رسائل إلى الداخل والخارج من خلال المناورة العسكرية التي أجراها يوم الأحد الماضي، والتي تحدى بها أغلبية اللبنانيين ومضمون إعلان القمة العربية في جدة”.
وبحسب البيان، فإن حزب الله أراد عبر هذه المناورة، إفهام اللبنانيين والعرب والعالم، أن سيادته تعلو سيادة الدولة اللبنانية، وبأن لا سيادة للدولة على أرضها، وأنه لا قرار في لبنان يخالف إرادته وإرادة المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه.
وأضاف: “حياة اللبنانيين وحاضرهم ومستقبلهم رهائن مشروع حزب الله، وانتظام الدولة في لبنان، من انتخاب رئيس للجمهورية وصولا إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، هما رهينتا هذا السلاح الحاضر دائما لفرض معادلة القوة على بقية اللبنانيين، في ظل أي محاولة لخلق أي توازن سياسي معه ومع حلفائه في الداخل”.
وأكد نواب المعارضة الـ31، أن الحزب يقول من خلال المناورة العسكرية “إن هذا السلاح يحمي الفاسدين ويعطل المؤسسات، من حكومة ومجلس نيابي، ويمنع الإصلاح ووقف الانهيار، ويضرب علاقات لبنان مع المجتمعَين الدولي والعربي. ويقول للعرب إن البند السادس من إعلان جدة والذي رفض في شكل حاسم الميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة لا يعنيه إذ يعتبر نفسه هو الدولة”.
وأمام هذا التحدي الجديد والمتكرر لمنطق الدولة، رأى النواب أن “حالة حزب الله الشاذة لم يعد لها مكان في الحياة السياسية اللبنانية، وأصبحت منبوذة من غالبية الشعب اللبناني”، مضيفين: “مهما تعاظم حجم الحيثية التي يتمتع بها أي حزب، فهو لا يحق له زج لبنان في أتون الصراعات التي لا تخدم إلا مشروعه الإقليمي”.
وتابع البيان: “ولا يمكن للحزب بالتالي فرض أجنداته السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية على الدولة اللبنانية مهما أمعن في ضرب مقومات وجودها”، معتبرًا أنه من الثابت أن لبنان الدولة لا يستطيع التعايش مع لبنان الدويلة.
حلول واجبة
واستعرض النواب، في بيانهم ما اعتبروه حلولا عملية باتت “واجبة وملحة لهذه المعضلة”، والتي تتضمن:
- إنهاء الحالة المسلحة لحزب الله عبر تطبيق اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه، والذي قضى بحل الميليشيات وبحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الأمنية الشرعية.
- تطبيق القرارين 1559 و1701 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي.
- وقف التدخلات العسكرية والأمنية التي يقوم بها حزب الله في الخارج، والإقلاع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما يتيح استعادة علاقات لبنان التاريخية مع المجتمعَين الدولي والعربي.
- تفكيك الاقتصاد الموازي الذي بناه حزب الله من خلال التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، وتشجيع التهرب الضريبي وحماية الفساد.
- ممارسة حزب الله نشاطَه السياسي أسوة بباقي الأحزاب اللبنانية تحت سقف الدستور والقوانين اللبنانية والديموقراطية واحترام الحريات العامة.
وشدد النواب على تمسكهم بالدفاع عن هوية لبنان ووجوده بكافة السبل السياسية، كما يؤكدون رفضهم أي مساومة أو تسوية مع السلاح على حساب الدولة وسيادتها المطلقة على أراضيها وقرارتها الداخلية والخارجية، والتي لا يمكن أن تمارس إلا عبر مؤسساتها الشرعية ومن دون أي وصي، أو شريك.
ملف الرئاسة
وحول المناورة، قال عضو تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات) بيار بوصعب، في تصريح صحفي: “لا أعتقد أنّها رسائل موجهة إلى الداخل، ولا أعتقد أن أي نائب سيغير موقفه في الملف الرئاسي خوفًا من السلاح”، مضيفًا: “أطمح أن أصل إلى يوم يكون السلاح بيد الجيش اللبناني فقط”.
وغرّد النائب نديم الجميل القيادي في حزب الكتائب، عبر “تويتر”، قائلا: “مناورة حزب الله في الجنوب ليست موجهة ضد إسرائيل، بل مناورة ومحاولة تهويل وترهيب ضد كل لبناني مؤمن بلبنان، موجهة ضد الدولة اللبنانية وسيادتها”.