مهما بلغت التطمينات للبنانيين بأن الاستقرار محفوظ والاستحقاقات الدستورية لابد آتية، من رئاسية الى حكومية الى إصلاحات سياسية ومالية، فمن الجهالة وقصر النظر الاعتقاد بإمكانية عزل لبنان عن مجرى المواجهة الحاصلة بين المشروع الأميركي والمشروع الإيراني، فالأميركي الذي صعد بالإيراني الى سطح المنطقة يريده أن ينزل صفر اليدين، بعدما أنجز المهمة المنوطة به، والإيراني الذي نشر أذرعه المسلحة في مسرح عملياته يعطي لوجوده بعدا يصعب التخلص منه.
وما يجري في سورية، من ضغوط أميركية على المعابر الايرانية وقصف اسرائيلي للوجود الإيراني لا يجلب الطمأنينة للبنان.
والرهان الآن على أمرين: تصريح سابق لرئيس مجلس النواب نبيه بري توقع فيه أن يكون هناك رئيس للبنان في سبتمبر، والزيارة الثانية للموفد الفرنسي- الخماسي جان ايف لودريان في النصف الثاني من سبتمبر وتحديدا في 17 منه.
والذي حصل كان تراجع الرئيس بري عن وعد سبتمبر من خلال قوله لصحيفة «الجمهورية»، أمس، إن عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية مرهون بالتوافق على الرئيس، وتبعا لذلك يقول الرئيس بري: ليس واردا أن أدعو مجلس النواب الى عقد جلسة انتخاب يتكرر فيها الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، كما حصل في الجلسات الـ 12 السابقة.
وفي حين يجد الرئيس بري تبريرا لتعطيل الدور الانتخابي لمجلس النواب لعلة غياب الحوار والتفاهم المسبق، فإنه يقول إنه لا يجد مبررا لتعطيل المعارضة للدور التشريعي للمجلس النيابي، بذرائع شتى او بناء على تفسيرات غير واقعية للدستور، كالقول إن مجلس النواب تحول الى هيئة ناخبة، ولا يجوز له التشريع قبل انتخاب الرئيس.
أما عن عودة الموفد الفرنسي لودريان، فلن تكون أكثر من زيارة إضافية الى الربوع اللبنانية، في ضوء الانشغال الأميركي بأولويات اخرى لديه في المنطقة وخارجها، مع حرص القوى الإقليمية غير المعلن، وكذا القوى المرتبطة بها، على أن يكون بيع المواقف الإيجابية للأميركي وليس لاي طرف دولي آخر.
وأمام حتمية الانتظار المفروضة على اللبنانيين، مطلوب منع التصعيد في هذه الظروف، ومفتاح التصعيد موجود عمليا في الجيب الاسرائيلي الذي يملك خاصية المبادرة، وجديد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على هذا الصعيد، تهديده صالح العاروري أحد قادة «حماس» الموجود في لبنان، بالنيل منه حتى في لبنان، وقد ردت قناة «المنار»، الناطقة بلسان «حزب الله»، مذكرة رئيس حكومة اسرائيل بتحذير الأمين العام لـ «حزب الله السيد حسن نصر الله، في التاسع من أغسطس الجاري، من ان الاعتداء على اي مسؤول فلسطيني في لبنان «لن يبقى من دون عواقب او رد».
على صعيد «التيار الوطني الحر»، بدأ التواصل بين رئيسه النائب جبران باسيل والمرشح الرئاسي سليمان فرنجية، من خلال نجل الاخير النائب طوني فرنجية، وبوساطة نائب بشري وليم طوق، ودعا النائب فرنجية الى تطبيق «اتفاق الطائف» واللامركزية الإدارية التي يريدها باسيل مالية موسعة، لكن هذه الاتصالات توقفت على أبواب حارة حريك (الضاحية الجنوبية) التي لم تحدد بعد وجهة سيرها في هذا المجال في ظل التشنج الحاصل بين الرئيس بري وباسيل، فبعد التصريح اللاذع للنائب علي حسن خليل ضد «التيار»، كالت قناة حركة «أمل» (إن بي إن) الاتهامات، الى من أسمته رئيس «تيار العتمة وفلتة الزمان»، بالازدواجية و«الخفة وسطحية التفكير وتراخي الضوابط وسيادة الغرائز».
وتبقى العين اللبنانية على مناقشات مجلس الأمن الدولي لمشروع التمديد سنة جديدة لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان «اليونيفيل»، بعد غد وسط احتمال ممارسة روسيا او الصين حق الفيتو، في حال حصول القرار على الأكثرية بالتصويت.