النزوح السوري الجماعي باتجاه لبنان مازال في واجهة المخاوف اللبنانية، بين من يتناوله من خلال رده الى الظروف الاقتصادية والسياسية في سورية، وبين من يبالغ بمخاطره، تغطية للعجز الماثل عن حل عقدة الشغور الرئاسي، داخليا وخارجيا، وبما ان حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي مازالت تتردد في تشكيل لجنة تذهب الى سورية لمعالجة المشكلة، مازال التعويل على الإجراءات الحدودية العقيمة.
جديد ملف النزوح، ما طرحته المعارضة من خطة تدعو لإعادة توزيع النازحين على الدول العربية، وإنهاء عمل المفوضية العليا للاجئين التي تنفق المال لتثبيتهم في لبنان.
وستتوجه «المعارضة» في خطتها إلى اقتراح توزيع النازحين على البلدان العربية بنسبه 40 ألف نازح لكل دولة، على الأقل، تحت عنوان «تفهموا أوضاع لبنان»، ولكن من أين لمثل هذه الخطة الخيالية ان تجد طريقها للتنفيذ؟
وفيما تصر الخطة عينها على قيام الحكومة بضبط الحدود مع سورية بإحكام، وصف مصدر في «المعارضة» لـ «نداء الوطن» ما اقترحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لجهة ترحيل النازحين بحرا، بأنه: غير منطقي.
وحملت «الجبهة المسيحية» إثر اجتماعها الدوري في مقرها في الأشرفية، «النظام السوري وحزب الله مسؤولية موجة النزوح الأخيرة التي تهدد الكيان اللبناني بمجمله»، معتبرة أنهم «يسهلون مرورهم إلى الأراضي اللبنانية من خلال عصابات مرتبطة بهم بشكل مباشر».
واستنكرت الجبهة التصريح الأخير للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي دعا إلى «فتح البحر أمام النازحين تحت شعار استدراج الأوروبيين إلى التحرك والتهافت على أعتاب لبنان، إذ يمارس من خلالها الضغوط على الحكومة لوضعها في مواجهة المجتمع الدولي، وهذا أمر في غاية الخطورة».
كما انتقدت الجبهة «عمل المفوضية العليا للاجئين الذي يساند الهجرة إلى لبنان»، مستندة بذلك إلى «معطيات خطيرة صدرت أبرزها أن المفوضية تمول النزوح غير المسجل، ما يشجع السوريين الذين مازالوا في بلدهم على المجيء إلى لبنان، كما أن النازح الجديد سيحصل على 10 دولارات يوميا من دون أن يقوم بأي عمل».
أما على صعيد المساعي الخارجية فقد يكون الموفد الفرنسي ملّ النكد اللبناني – كما تقول إذاعة «صوت لبنان» -، وعسى ألا يكون الموفد القطري على طريق الملل، في حين ترى أوساط متابعة ان المراوحة المستمرة تعبير عن قرار أميركي بتجميد الحلول ريثما تتوضح طبيعة العلاقات الأميركية – الإيرانية، وبالتالي الإيرانية – الإسرائيلية.
وهنا ثمة جديد في الموقف الفرنسي عبر رسالة إلى اللبنانيين مفادها أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لن يعود الى بيروت في جولة رابعة إلا إذا استشعر وجود تقارب بين الفرقاء حول الخيار الرئاسي الثالث.
يبقى أن ما سرب من معلومات عن اقتراب زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين لمتابعه ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل نفسها، ربطها البعض برفض إسرائيل هذا التوقيت لعملية الترسيم.
في هذا الوقت، نظم الجيش اللبناني جولة للإعلاميين على الحدود الشرقية للبنان مع سورية لعرض كيفيات تسلل النازحين، وذلك بمشاركة أكثر من 50 صحافيا ومراسلا يمثلون مختلف الوسائل الإعلامية اللبنانية والأجنبية.
من جهته، اعتبر قائد الجيش العماد جوزاف عون أن «أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليا، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر».
وخلال افتتاح مبنى مدرسة القوات البحرية بعد تشييده بتمويل من السلطات الألمانية في قاعدة جونيه البحرية، قال عون: «يتصدى الجيش وحده حاليا لهذا التحدي رغم كل التعقيدات الجغرافية واللوجيستية والعددية، ويتعرض يوميا لحملات مشبوهة ضده».