منذ ترشيح النائب ميشال معوض، عملت القوى المعارضة الداعمة له على تأمين 65 صوتاً. وتدرك هذه القوى استحالة وصوله لكن هذا الرقم كان ليفرض أمراً واقعاً لا يمكن تخطّيه. وساهم تضعضع القوى المعارضة في تخريب الخطة وتعويم مرشح «الثنائي الشيعي» سليمان فرنجية.
وإذا كان بعض القوى والنواب سيحسمون تصويتهم في الدورة الثانية كما يصرّحون، فهذا يعني أنّ المحصلة ستصبّ في مصلحة «الحزب» ومرشحه. فـ»الثنائي الشيعي» سيفرط النصاب ولن يكون هناك دورة ثانية، وكل الأوراق التي لن تنتخب أزعور وتكون بيضاء ستُحسب في رصيد مرشح «الثنائي» حتى لو كان بعضهم فعلاً سيصوّت لأزعور.
وفي السياق تُطرح أسئلة من المعارضة حول سلوك كتلة «الاعتدال الوطني» وبعض النواب المستقلين والتغييريين أمثال: ملحم خلف، نجاة صليبا، حليمة قعقور، سينتيا زرازير، فراس حمدان وابراهيم منيمنة.
وفي وقت ترددت معلومات عن إعتماد نواب كتلة «الإعتدال الوطني» التصويت الداخلي لاتخاذ قرار موحّد وسط ميل أغلبية أعضاء الكتلة لترشيح أزعور وليس فرنجية الذي تراجعت الحماسة له، ترى أوساط معارضة أنّه لو كان لنواب «الاعتدال» موقف واضح منذ ترشيح معوض بدل الانتظار حتى هذه اللحظة، لما كان للنائب جبران باسيل فرصة لتعويم نفسه والتصرف وكأنه «بيضة القبّان» في معادلة اختيار رئيس للجمهورية. ولم يكن باستطاعته القيام بمناورات سياسية ليفاوض مع «حزب الله» على مرشح يُرضيه عبر التهويل بالذهاب إلى تفاهم حول مرشح مع المعارضة.
وتتابع: لو كان أيضاً لبعض نواب «التغيير» المتردّدين موقف واضح مع المعارضة، لما كان لباسيل فرصة لعب دور صانع موازين القوى والتفاوض مع «حزب الله» على حسابهم. ولو كان لهذه القوى التي تعتبر نفسها وسطية فعلاً، نية وسطية، لكانوا تلقّفوا المرشح الوسطي المقبول من المعارضة وجزء من السلطة ولعبوا دوراً وسطياً فعلاً، نازعين عن أي فريق آخر، صفة بيضة القبّان بدل أن ينزعوها عن أنفسهم بعد فوات الأوان.
ويؤكد عاملون على الخط الرئاسي أنه إذا كان يظن البعض أنهم يناورون وينتظرون سقوط ترشيح جهاد أزعور وسليمان فرنجية لصالح مرشح قد يناسب بعضهم، فذلك سيكون أيضاً على حسابهم لأن أي تسوية مستقبلية ستحصل مع الذين رشحوا علناً، إما أزعور أو فرنجية، وليس مع المتفرجين الذين ينتظرون دورهم.
تلكّأ عدد من «التغييريين» الذين كانوا ينادون بالتوافق ويرفضون ميشال معوض عندما طرح كمرشح توافقي ووسطي، وكشف البعض منهم أن في فكره مرشحاً معيّناً يريد إيصاله ويعتقد أنّ باستطاعته الوصول إلى نسبة تأييد أوسع، وكشف البعض الآخر عن أنه لا يمكنه الخروج من عباءة «الثنائي» ولو أظهر نفسه معارضاً، وبالتالي ارتبط موقفهم بموقف الممانعة تحت ذرائع أخرى.
وتُشدّد المعارضة على أنّ هؤلاء الذين لم يعلنوا بعد تأييدهم للتصويت للمرشح الذي تقاطع على اسمه عدد كبير من نواب المعارضة والتغيير والمستقلين، يتحمّلون مسؤوليات كثيرة منها، عدم قدرتهم على احداث التغيير الذي انتخبوا من أجله، والتحاقهم بلعبة السلطة وبيع المواقف وشراء المراكز تحت حجة عدم الاصطفاف. فإذا لم يريدوا الاصطفاف مع مرشح يحظى بهذا التأييد، فمع من سيصطفون؟ هل يريدون الاصطفاف فقط مع مرشح يحظى بتأييد «حزب الله»؟ فقد أصبحوا هم اليوم العقبة أمام التغيير الفعلي.
وبالنسبة إلى المعارضة، المهم الآن هو إعلان التأييد للدفع نحو الوصول إلى جلسة ثانية، وليس الإدعاء بالتوصيت لأزعور في الجلسة الثانية، لأنّ في ذلك اختباء وتمنّياً باطنياً بأن يسقط أزعور وفرنجية لصالح مرشح ثالث. لكن المرشح الثالث قد لا يحظى بنفس الزخم الحاصل اليوم إذا لم تُجرَ جلسة ويحصل فيها أزعور على أصوات تفوق 65 من الدورة الأولى.
اليوم ليس زمن اللعب بالنار والسلطة، فمسيرة الرئيس العتيد لن تكون سهلة في معركة الخروج من الأزمة. والمترددون سيتحملون عواقب مواقفهم عندما يذكرهم التاريخ لأنهم لم يقتنصوا الفرصة لإحداث التغيير كما وعدوا ناخبيهم، وفضّلوا أن يلعبوا لعبة بيضة القبّان التي ستنكسر عندما توضع الأوزان الكبيرة على كفّتي الميزان.
ويتبيّن أنّ المستقلين والتغييريين الذين حسموا تصويتهم هم: بلال الحشيمي، ميشال ضاهر، ميشال الدويهي، وضاح الصادق، مارك ضو، عماد الحوت، وجان طالوزيان.
أمّا الذين لم يحسموا وأكثريتهم قد تصوت لأزعور في الدورة الثانية فهم: نعمت افرام، جميل عبود، نبيل بدر، عبد الرحمن البزري، اسامة سعد، بولا يعقوبيان، سينتيا زرازير، ابراهيم منيمنة، ملحم خلف، نجاة صليبا، فراس حمدان، الياس جرادة، حليمة قعقور.