لا تزال قضية حزمة المليار يورو التي أعلنت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من لبنان الخميس الماضي، دعماً “لاستقراره” ولمواجهة تحديات استضافة اللاجئين السوريين على أراضيه تتوالى، وجديدها دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الى جلسة نيابية في الـ15 من مايو (أيار) الجاري لمناقشة الموقف من هذه الهبة.
فماذا يقول القانون عنها؟ وهل يمكن رفضها أو الطعن بها إن تكشف أنها لا تصب في مصلحة اللبنانيين أو المصلحة الوطنية العليا؟.
يوضح المحامي في القانون الدولي رفيق هاشم في مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” إن الأحكام القانونية الراعية، تحديداً نص المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية، أناطت بمجلس الوزراء السلطة والصلاحية لقبول الهبة المقدمة إلى الدولة عندما تتجاوز قيمتها الـ 250 مليون ليرة لبنانية عبر مرسوم صادر عن المجلس يحدد وجهة إنفاق الهبة وإذا كانت مشروطة بالتزامات معينة تفرضها الجهة المانحة.
ويضيف أنه عند صدور مرسوم بقانون الهبة، فإن قانون المحاسبة العمومية فرض تدوينها في قسم الواردات من الموازنة العامة وفتح اعتمادات لها، قائلاً “من المهم التشديد على أن صلاحية مجلس الوزراء ليست مطلقة، بل هي مقيدة بالمصلحة الوطنية العليا التي تتجسد بصون الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وكذلك مستقبل اللبنانيين وحقوقهم ومصلحتهم العليا”، ويؤكد أنه في حال تبين وجود أي تعارض بين شروط الهبة ومصلحة لبنان العليا، فهذا الأمر يحتم على مجلس الوزراء رفضها.
ويكشف عن أنه بصرف النظر عن موقف المجلس، في حال تبين أن هذه الهبة تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، فإن الساحة تفتح أمام وسائل عدة لرفضها.
الهبة الأوروبية وإمكانية رفضها
أولاً، على الصعيد الشعبي، وباعتبار أن الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة، فإن تحركه يكون من خلال التعبير الحر والمسؤول عن الآراء والمواقف بطريقة سلمية وهادفة سعياً إلى التأثير في المؤسسة الدستورية المعنية بالنظر في قبول الهبة.
ثانياً، على الصعيد التشريعي، لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية ومجلس النواب هو السلطة المولجة بمراقبة أعمال مجلس الوزراء وسياسته، والتدقيق بموازنات الدولة بما فيها الهبات وهي مولجة أيضاً بالمساءلة والمحاسبة.
وثالثاً، القضاء الذي يتمثل في ديوان المحاسبة وصلاحياته وهو يقوم بمراقبة حسابات الدولة العامة وتقديم تقارير تشير إلى أي خلل في هذه الحسابات، بما في ذلك الهبات، وهذه التقارير يمكن أن تكون نواة جدية للجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة لرفضها.
ويختم هاشم بالتشديد على أن تحديد الموقف من أي هبة يعتمد على أهدافها الحقيقية، فإذا كانت غير مشروطة وتم قبولها وإنفاقها بصورة شفافة وقانونية فهنا نكون أمام أمر إيجابي، ولكن إن كانت مقرونة بشروط تتعارض مع المصلحة العليا فهذا يمكن أن ينطوي على نتائج سلبية ويفرض اتخاذ القرار بعدم قبولها.