تسجل عودة قوية للمملكة العربية السعودية إلى لبنان، بعد سنوات من الانكفاء كرد فعل على سيطرة حزب الله المدعوم من إيران على مراكز صنع القرار في هذا البلد.
وتبدي السعودية حرصا اليوم على استعادة نفوذها في لبنان، بعد التحولات الهائلة التي شهدها والمنطقة، والتي كان من أبرز سماتها نجاح إسرائيل في تحجيم طهران وأذرعها وفي مقدمتهم حزب الله، الذي يبدو اليوم في أضعف حالاته سياسيا وعسكريا.
ويزور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بيروت الخميس في أول زيارة يقوم بها أكبر دبلوماسي سعودي إلى لبنان منذ 15 عاما. ومن المتوقع أن يلتقي الأمير فيصل بن فرحان الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام.
وكانت الرياض قد لعبت دورا محوريا، عبر مبعوثها الخاص الأمير يزيد بن فرحان، في حل معضلة الشغور الرئاسي الذي عانى منه لبنان لأكثر من عامين، والضغط من أجل انتخاب عون.
وقال الأمير فيصل بن فرحان في حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس الثلاثاء الماضي إن السعودية تعتبر انتخاب رئيس لبناني بعد فراغ دام أكثر من عامين شيئا إيجابيا للغاية. وأعرب عن أمله في تشكيل حكومة لبنانية جديدة “في المستقبل غير البعيد.”
ويرى مراقبون أن من بين أهداف زيارة وزير الخارجية السعودي إلى بيروت الدفع بجهود تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، في ظل التعقيدات التي يواجهها رئيس الوزراء المكلف نواف سلام، نتيجة الخلافات بين القوى السياسية حول الحقائب الوزارية. ويوجد قلق في لبنان بدأ يتسرب إلى القوى الإقليمية والدولية المعنية، من التأخير في تشكيل الحكومة.
وحذر الوزير اللبناني السابق وديع الخازن من أن التأخير المستمر يضعف موقف لبنان التفاوضي ويؤخر الاستفادة من أي دعم دولي يمكن أن يمارس للضغط على إسرائيل للالتزام بالانسحاب من الجنوب، لافتا إلى أن تشكيل الحكومة قبل الموعد المحدد للانسحاب يمكن أن يكون له دور فعال في توجيه الدعم الأميركي والفرنسي إلى حشد موقف دولي موحد لإرغام إسرائيل على تنفيذ الاتفاق.
واعتبر أن “تشكيل حكومة مدعومة دوليا سيسهم في تعزيز الشرعية السياسية للدولة اللبنانية ويسهل التفاوض على مستوى الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية.” وترى السعودية أن تشكيل حكومة قوية من شأنه أن يسهم في إبعاد إيران أكثر فأكثر عن لبنان، وبالتالي هي حريصة على ضمان الوصول إلى هذه النتيجة.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكدا خلال اتصال هاتفي الأسبوع الماضي على دعمهما لتشكيل حكومة قادرة وفعالة في لبنان، مشددين على أهمية الإصلاحات وضرورة تثبيت وقف إطلاق النار مع إسرائيل. واعتبرا انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف نواف سلام خطوة نحو بداية جديدة للبنان ورسالة إيجابية للمجتمع الدولي.
وينظر اللبنانيون بتفاؤل إلى عودة السعودية، حيث يراهنون على الدولة الخليجية من أجل مساعدتهم على تخطي الأزمة الاقتصادية التي تفجرت في عام 2018 وتفاقمت خلال العام الماضي نتيجة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله.