من المؤسف أنْ تخلص كل الدراسات والتحقيقات المُشار إليها على الإجماع بأنّ الجمهورية اللبنانية تعيش أزمة سياسية أمنية مالية إجتماعية خطيرة بطريقة دراماتيكية وعلى خلفية تراكمية تشمل جميع المكونات اللبنانية. كباحث وبعد الإطّلاع تفصيلياً على بعض هذه الدراسات وبعد دراستها على أرض الواقع (خلاصة هذه الدراسات الإقليمية – الدولية) وجدت تبريرها في نوع من المنطق التحليلي لأننا كباحثين وكمواطنين لبنانيين نعيشها بمرارتها وبواقعيتها المفرطة ، وكذلك يعيشها الشعب اللبناني بكل أطيافه. جميعنا نعيش هذا الإحساس بإنهيار المؤسسات الرسمية كإحدى نتائج الضعف العام للجمهورية ويعود السبب في هذا الأمر إلى نوعية الحكام الذين يُمارسون هذه السلطة العفنة التي تتناقض ومبادئ العلوم السياسية.
إنّ تناقض مبادئ العلوم السياسية يعكس بصورة عملية زيادة القلق على واقع الجمهورية اللبنانية هذا إلى جانب التأكيد أنّ الجمهورية اللبنانية تعيش بالفعل أزمة وجودية وقد تمَّ الشروع بتفكيك أجهزتها الرسمية المدنية والعسكرية بطريقة دراماتيكية وفوضوية على أيدي ممارسي هذا النظام الأرعن. ومن الملاحظ أنّ كل دور الأبحاث بما فيها مركز PEAC عرضوا المشاكل والمواضيع التي تجتاح هذه الجمهورية وأبدوا رغبة جامحة في إيجاد بعض المخارج التي ربما تكون بداية خريطة طريق ذات تطلّعات موضوعية للحل. هذه الدراسات وجدت أصداءً إيجابية لدى عواصم القرار المعنية بأزمة الجمهورية اللبنانية بفعل وجود باحثين يتمتّعون بشتّى الاختصاصات من جهة وبسبب وعيهم لخطورة هذه الأزمة والهدف هو تقليص مكانة هؤلاء الساسة الفاشلين المنحرفين والمُسبّبين لهذا الانحدار المساري للجمهورية.
بصفتي باحث وناشط سياسي أخشى أن تكون هذه الحالة السياسية القائمة والتي تلف الجمهورية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها الحديث مثل التقهقر – الشلل – المرارة – فقدان الثقة – عدمية السيادة الوطنية – السلاح غير الشرعي – تخطّي القوانين المرعية الإجراء وغيرها بدأت تحوم في أفق مؤسسات الجمهورية وهذا الأمر يجعل خشيتنا تتعاظم على مستقبلها وسيادتها وفعالية أجهزتها وعلى دورها في محيطها الإقليمي والدولي، كما على تخطّي أحكام القانون وإشاعة الفوضى وضرب النظام الديمقراطي وضرب أواصر التقدّم والازدهار… وبصريح العبارة نخشى على الجمهورية بأنساغ الحياة الدكتاتورية والشمولية وتعكير صفو الأمن الداخلي – الإقليمي – الدولي.
الجمهورية مترنحة مجردة من مقومات صمودها، وجدان مسؤوليها يترّنح وجمهوريتنا أصبحت مجرّدة عن كيانها وصيغتها وهيبتها منكسرة. جمهورية غير صالحة، وهي كناية عن سلسلة خيبات وجمهورية غير عادلة، جمهورية مليئة بالفتن، جمهورية نذير شقاق، جمهورية دويلات وجيوش وميليشيات. إنها جمهورية منهارة وكيان غير قابل للحياة، هل من يسمع ويبدأ بالإصلاح؟ سؤال لرجال الدين والعلمانيين والمثقفين.