قال الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة لـ”الشرق” إنه لا يمكن للأونروا مواصلة تقديم خدماتها المختلفة في مخيم عين الحلوة في لبنان، طالما بقي المسلحون الذين يعيقون عمل الوكالة.
كانت الوكالة التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت، الجمعة، تعليق كافة خدماتها في مخيم عين الحلوة بلبنان؛ احتجاجاً على احتلال مسلحين مجمع منشآتها الذي يضم مدارس عدة. وذكرت الأونروا، في بيان، أنها “لا تتسامح إطلاقاً مع أي انتهاك لحرمة وحياد منشآتها”.
وأوضح أبو حسنة أن المسلحين من جهات عسكرية، لم يسمها، يحتلون مجمع منشآت الأونروا، الذي يضم 4 مدارس يدرس فيها حوالي 3200 تلميذ، ومكاتب خدمية وإدارية، و”هو ما أدى إلى وقف خدماتنا للاجئين الفلسطينيين في المخيم”.
جاءت تصريحات أبوحسنة قبل ساعات من إعلان الوكالة ارتفاع عدد المدارس التي سيطر عليها مسلحون إلى 8 مدارس.
وأشار أبو حسنة إلى أن اللاجئين “متضررون ويعانون بشكل كبير ينذر بمأساة انسانية”، ولكن “لا سبيل لمواصلة الخدمات الإنسانية والصحية والتعليمية والاجتماعية والإغاثية والبيئية دون خروج هؤلاء المسلحون وإخلاء مجمع الأونروا”.
وبيّن أبو حسنة، وهو المستشار الإعلامي للمفوض العام للأونروا، أن المنظمة الدولية تجري اتصالات مكثفة مع كل الأطراف في مسعى لإنهاء أزمة “احتلال مجمع منشآت ومدارس الأونروا في المخيم لاستئناف الخدمات”.
وذكر أن مديرة الأونروا في لبنان دورثي كلاوس تجري اتصالات ولقاءات مع السفارة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وكذلك مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني.
ووجهت الأونروا نداء عاجلاً تطالب فيه بالتدخل الفوري لإخراج المسلحين، وتجنيب مؤسسات ومدارس الأونروا أية تبعات للصراعات المسلحة، لاستئناف الخدمات الأساسية للاجئين” بحسب الناطق باسم الأونروا.
احتلال 8 مدارس
وأعلنت الوكالة، السبت، أنها تلقت لاحقاً تقارير تفيد بأن مجمعاً مدرسياً آخر تم الاستيلاء عليه من قبل جهات مسلحة في المخيم، ما يرفع العدد الإجمالي للمدارس التي استولت عليها جهات مسلحة في المخيم إلى 8 مدارس، ما يهدد بدء العام الدراسي في الوقت المناسب لـ 5900 طفل من المخيم.
وأضافت أنها تلقت تقارير تفيد بوقوع أضرار جسيمة بالمباني المدرسية وعمليات نهب للمواد التعليمية للأطفال والمعدات من المدارس، وجددت دعوتها العاجلة لكافة الجهات المسلحة لإخلاء منشآتها، بما في ذلك المدارس ومكاتب الخدمات الأخرى.
ووصفت الوكالة وجود هذه الجهات بأنه “انتهاك صارخ لحياد وسلامة منشآت الأمم المتحدة ويشكل تهديداً كبيراً لتعليم الآلاف من أطفال لاجئي فلسطين الذين يعيشون في المخيم”.
كانت الوكالة علقت خدماتها في المخيم ليوم واحد فقط، الجمعة، احتجاجاً على ذلك، واستأنفت تقديم بعض الخدمات، السبت، ولا تزال الوكالة ملتزمة بتقديم الخدمات في المخيم بما في ذلك الخدمات الصحية وإزالة النفايات الصلبة وخدمات الإغاثة حيثما أمكن ذلك في أنحاء المخيم.
عقود من المواجهات
وتأسس مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين عام 1948، على يد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بهدف إيواء اللاجئين من مدن شمالي فلسطين، ويسكنه حالياً نحو 70 ألف لاجئ، وهو أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وبدأت “أونروا”، عملياتها في المخيم عام 1952، وعملت بشكل تدريجي على تغيير الخيام إلى مساكن أسمنتية.
وشهد المخيم خلال 7 عقود، العديد من الأحداث الدامية، خصوصاً بين عامي 1982 و1991، الأمر الذي نتج عنه وقوع عدد كبير من الإصابات وتدمير المخيم بالكامل تقريباً.
وفي يوليو، اندلعت اشتباكات في المخيم بين حركة “فتح” ومجموعات مسلحة أدّت لسقوط ضحايا، ما أجبر المئات على الفرار.
وكثرت في السنوات الأخيرة حوادث الاقتتال داخل المخيم حتى شكلت ذعراً ومصدر قلق لسكان المخيم وخشية على مستقبله، فتشكلت قوة أمنية مشتركة لإدارة المخيم وأبرمت اتفاقات عديدة لكن تم خرقها أكثر من مرة.
ويضم المخيم عدة فصائل فلسطينية مسلحة، هي “التيار الإصلاحي بحركة فتح”، وجبهة التحرير، وحركة “حماس”، والقيادة العامة، وعصبة أنصار الله، والجبهة الشعبية، وعصبة النور المنشقة عن عصبة أنصار، و”الجهاد”، و”فتح”.
ويقيم الجیش اللبناني حواجز ثابتة على مداخل المخیم، ويعمل على مراقبة الحركة منه وإليه.