كانت لافتة الحملة الاعلامية التي شنّها «حزب الله» أمس على المملكة العربية السعودية عبر وسائله المكتوبة والالكترونية، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبداللهيان للمملكة. وذلك رغم أنّ المملكة، رغبةً منها في تأكيد جدّيتها في إنجاح «اتفاق بكين» الذي بدا متعثّراً بعض الشيء في الآونة الأخيرة، رفعت «مستوى التمثيل» خلال اليوم الثاني لها، وترافق ذلك مع استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في جدة الوزير الايراني. فهل من تفسير للتناقض بين التطور الايجابي في علاقات المملكة بايران، وبين حملة «الحزب» في بيروت؟
بالنسبة الى محادثات ولي العهد السعودي والوزير عبد اللهيان، ذكرت وكالات الأنباء أنه جرى عرض العلاقات بين البلدَين، والفرص المستقبلية للتعاون بينهما، وسُبل تطويرها، كما ناقشا التطوّرات على الساحتَين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها، وفق وزارة الخارجية السعودية.
وكتب عبداللهيان الذي بدأ الخميس زيارته التي كان من المفترض أن تستمرّ يوماً واحداً، باللغتَين الفارسية والعربية على منصّة «إكس» أن اللقاء مع ولي العهد السعودي أمس الذي استمرّ 90 دقيقة تخلّله «حوار صريح وشفاف ومفيد ومثمر على أساس سياسة الجوار، وأكدنا إرادة رؤساء البلدَين في إرساء العلاقات الثنائية المستدامة في جميع المجالات»، فيما نقل بيان لوزارة الخارجية الإيرانية عن عبداللهيان أنّ «السبيل إلى نجاح المنطقة هو تعزيز الحوار والتعاون وزيادة التعاون الموجه نحو التنمية».
وكشفت وكالة «إرنا» أنها المرّة الأولى التي يلتقي فيها مسؤول إيراني رفيع المستوى ولي العهد السعودي، وبحسب «وكالة الأنباء السعودية»، أنّ وزير الخارجية الإيراني نقل تحيات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وتقديره للملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد، بينما حمَّله بن سلمان تحيات الملك سلمان وتقديره لرئيسي. وقبل مغادرته المملكة، صرّح عبد اللهيان أنّ الأمير محمد بن سلمان قبل دعوته لزيارة ايران.
تزامناً، ذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان أصدرته أنّ وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان تلقّى اتصالاً هاتفيّاً من نظيره الأميركي أنطوني بلينكن، تباحثا خلاله في قضايا إقليمية عدّة، مشيرةً إلى أنّ الوزيرَين تطرقا الى الاجتماع الذي استضافته السعودية في الآونة الأخيرة في إطار مسعى ديبلوماسي يهدف إلى إيجاد حل سلمي للحرب الروسية في أوكرانيا.
ومن جدة الى بيروت، شنّ موقع «العهد» الالكتروني التابع لـ»حزب الله» حملة على المملكة في سلسلة مقالات تهجمت فيها على السعودية، ولا سيما في ما يتعلق بحرب اليمن. وقرأت أوساط مواكبة للعلاقات السعودية الايرانية أبعاد التناقض بين اللقاء السعودي الايراني، وحملة «حزب الله». وتساءلت عبر «نداء الوطن»، إذا كان «حزب الله» يتصرّف من عندياته من دون التشاور مع ايران؟» وما هي «الرسالة التي ارادت ايران أن تبعث بها في هذا السياق؟ ولماذا؟». وأضافت: «هذا التزامن مقصود، وليس مصادفة، بل حصل عن سابق تصور وتصميم من أجل أن تطمئن ايران وكلاءها. والكل يعلم أنّ «حزب الله» في المسائل الاستراتيجية لا يتصرف بملء إرادته، ولا سيما في ما يتصل بالعلاقة الايرانية السعودية، وليس على غرار الموضوع الاسرائيلي، إضافة الى استقلالية الحزب في الشأن السياسي الرئاسي والنيابي والمالي اللبناني».
ورأت الأوساط «ان ايران تبعث برسالة مزدوجة: فهي، من ناحية، تقول للسعودية إنها متفقة معها على تطوير العلاقات الى أبعد الحدود، ومن ناحية ثانية، تقول لها: لا أستطيع أن أمون على الحوثي في اليمن، و»الحشد الشعبي» في العراق، وبشار الأسد في سوريا، و»حزب الله» في لبنان، وعلى الفصائل الفلسطينية في اسرائيل. وهذا ما يؤشر الى أن الأمور ستبقى على هذا المنوال لفترة طويلة».
وخلصت الى القول: «بمعزل عن الرسالة الايرانية، من غير المقبول أن يكون لبنان صندوق بريد لايران بما يزعزع علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية».