تزداد الأزمة الإنسانية في لبنان تفاقماً مع دخول الفراغ الرئاسي عامه الثاني، وسط تداعيات اجتماعية واقتصادية جسيمة، من بينها تنامي معدلات انعدام الأمن الغذائي الذي يطارد ملايين اللبنانيين خاصة الأطفال.
وسبق أن كشف وزير الصحة اللبناني، الدكتور فراس أبيض، وممثل منظمة «اليونيسف» في لبنان، إدوارد بيغبيدير، عن معاناة الأطفال من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، بعدما أظهر مسح عن التغذية أن 3 من كل 4 أطفال دون الخامسة، يعانون انعدام الأمن الغذائي، أي 75%، وهو ما يجعل الأطفال عرضة بشكل كبير للتقزم والهزال الشديد.
واعتبر المحلل السياسي اللبناني، يوسف دياب، أن الأطفال في لبنان من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى رأسها أزمة «الفراغ الرئاسي» التي تُعد «أم الأزمات» في لبنان، ولا توجد حلول لأي أزمة قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
ودخل لبنان في «الفراغ الرئاسي» في الأول من نوفمبر 2022، وقد فشل مجلس النواب عبر 12 جلسة في انتخاب رئيس جديد، وتُدير البلاد حكومة تصريف أعمال غير قادرة على اتخاذ قرارات ضرورية، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية ونقدية مهمة.
وذكر المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ملايين اللبنانيين والنازحين السوريين المقيمين في لبنان يجدون صعوبة كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية، ومن بينها الغذاء، لا سيما مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية التي أصبحت تفوق القدرة الشرائية لغالبية الأسر، وهو ما يُنذر بتنامي أزمة انعدام الأمن الغذائي.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي قد صنفا لبنان كواحدة من «بؤر الجوع الساخنة»، وأن أكثر من نصف السكان يحتاجون إلى المساعدات لتغطية احتياجاتهم من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى، وأن الأسر تجد صعوبة متزايدة في تحمل تكاليف توفير الأطعمة، وتضطر إلى اللجوء لاستراتيجيات ضارة للتكيف مع الوضع.
وجاء لبنان في المرتبة الأولى ضمن الترتيب العالمي الخاص بتضخم أسعار الغذاء بارتفاع 261% في الفترة بين فبراير 2022 وفبراير 2023، وسجل في مايو الماضي أعلى نسبة تضخم في أسعار الغذاء عالمياً تقدر بنحو 352%.
من جانبها، أوضحت الكاتبة والمحللة الاقتصادية اللبنانية، ميساء عبد الخالق، أن الجمود السياسي الذي يعيشه لبنان أفرز أزمة مركبة ومعقدة تصنفها المؤسسات الدولية بأنها واحدة من أسوأ 10 أزمات مالية واقتصادية يشهدها العالم، ويكفي الإشارة إلى أن معدل الفقر بين اللبنانيين تجاوز حاجز الـ82%، وبالتالي ليس غريباً أن يطارد الفقر الغذائي آلاف الأطفال والأسر، وليس غريباً أن يحتاج الملايين إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بحسب ما كشفته تقارير الأمم المتحدة.
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في بيروت، عمران رضا، قد كشف مؤخراً عن أن نحو 4 ملايين نسمة في لبنان بحاجة عاجلة إلى غذاء ومساعدات إنسانية أخرى.
وذكرت الكاتبة اللبنانية في تصريح لـ«الاتحاد» أنه لا سبيل أمام الفرقاء اللبنانيين سوى طرح الخلافات جانباً، والتوافق على شخص رئيس الجمهورية الجديد، ومن بعدها تشكيل حكومة وطنية بصلاحيات كاملة، وهنا فقط تدور عجلة العمل والإنتاج مجدداً، ويبدأ لبنان تنفيذ برنامج إصلاحي شامل يُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.