أوروبا تعانق حكومة إيطاليا اليمينية.. وميلوني تطمئن الاتحاد
أ ف ب - الشرق
Thursday, April 21, 2022
أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لـ"التعاون" مع حكومة إيطاليا الجديدة برئاسة جورجيا ميلوني التي تشكّك بجدوى الاتحاد، بعدما أدّت اليمين الدستورية، السبت، استعداداً لتسلم مهامها الأحد، لكن الأخيرة، حرصت على طمأنة بروكسل بمجموعة من الوزراء في حكومتها مؤيدين "نسبياً" لأوروبا.
وأدّت ميلوني ووزراؤها الـ24 اليمين الدستورية، السبت، في قصر كيرينال الرئاسي في روما، أمام الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا متعهدين "احترام الدستور والقوانين".
ومع تعيينها 6 نساء فقط في مناصب وزارية صغيرة، كتبت ميلوني في تغريدة على تويتر أرفقتها بصورة للحكومة الجديدة: "هذا الفريق الحكومي الذي سيخدم إيطاليا بفخر وحسّ بالمسؤولية"، مضيفةً "الآن، إلى العمل".
ومن جهتها، كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، السبت، على تويتر: "نهنئ جورجيا ميلوني بتعيينها رئيسة للوزراء في إيطاليا، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب".
وأعربت المسؤولة الأوروبية عن تطلعها إلى "التعاون البناء مع الحكومة الجديدة في مواجهة التحديات التي يجب أن نواجهها معاً"، مشيرةً خلال اتصال هاتفي مع ميلوني إلى تطلعها لعقد أول لقاء معها في بروكسل في "المستقبل القريب".
وبحث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، في اتصال هاتفي، مع ميلوني "التحديات المشتركة وحرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا وأزمة الطاقة والوضع الاقتصادي"، داعياً في سلسلة تغريدات على تويتر إلى "العمل معاً لمصلحة إيطاليا والاتحاد الأوروبي".
ووصف ميشال إيطاليا بـ"الشريك القوي للاتحاد الأوروبي"، معلناً اتفاقه مع رئيسة الوزراء الإيطالية على مقابلتها في بروكسل "في القريب العاجل".
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في تغريدة باللغة الإيطالية: "أوروبا بحاجة إلى إيطاليا. معاً سنتغلب على كل الصعوبات".
تطلعات أميركية
الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان من أوائل القادة الدوليين المرحبين باختيار رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة، هنأ ميلوني السبت، مؤكداً أنه "يتطلع" لمواصلة العمل معها فوراً لصالح أوكرانيا.
وقال بايدن في بيان صادر عن البيت الأبيض: "بصفتي من قادة مجموعة السبع، أتطلع إلى مواصلة دعمنا لأوكرانيا ومحاسبة روسيا على عدوانها وضمان احترام حقوق الإنسان"، مشيراً إلى أن إيطاليا "حليف حيوي في الناتو".
بدوره، كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر أنه "يتطلع الى مواصلة التعاون المثمر لضمان السلام والازدهار في أوكرانيا وإيطاليا والعالم".
إلى ذلك، كان رئيس الوزراء المجري المحافظ والمناهض لبروكسل فيكتور أوربان أحد القادة الأوروبيين القلائل الذين هنأوا ميلوني، وتحدّث عن "يوم عظيم لليمين الأوروبي".
وقال نظيره البولندي ماتيوس مورافيسكي إن "تحديات غير مسبوقة تنتظرنا، لذا نحتاج الى قيادة مصممة وشجاعة".
وأشادت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن بحكومة ميلوني قائلةً: "في جميع أنحاء أوروبا، يصل الوطنيون إلى السلطة ومعهم أوروبا التي نطالب بها".
مخاوف أوروبية
وحقّقت ميلوني، البالغة 45 عاماً، فوزاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية الإيطالية في 25 سبتمبر الماضي وتمكنت من تلميع صورة حزبها "أخوة إيطاليا" واعتلاء السلطة بعد مرور قرن على تولي الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحكم في بلادها، والذي أعربت ميلوني سابقاً عن إعجابها به.
وتتمتع ميلوني مع شريكيها في الائتلاف زعيم الرابطة المناهضة للمهاجرين ماتيو سالفيني، وزعيم حزب "فورتسا إيطاليا" سيلفيو برلوسكوني، بأكثرية مطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
وكانت المفوضية الأوروبية أثارت موجة غضب في إيطاليا بالإشارة إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي "أدوات" لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيم الاتحاد المشتركة، في حال فوز اليمين المتطرف.
لكن التشكيلة الوزارية الجديدة عكست رغبة ميلوني في طمأنة شركاء روما القلقين من حكم رئيسة الوزراء الأكثر يمينية، والأكثر تشكيكاً بجدوى الاتحاد الأوروبي في إيطاليا منذ 1946.
وزير الاقتصاد
وتولى جيانكارلو جورجيتي (55 عاماً) حقيبة الاقتصاد، وهو قيادي سياسي مخضرم يُنظر إليه على أنه عضو معتدل ومؤيد نسبياً لأوروبا في حزبه "الرابطة" اليميني، ما يحمل في طياته رسالة طمأنة إلى بروكسل.
وعندما كان وزيراً للصناعة في حكومة ماريو دراجي المنتهية ولايتها، ساعد جورجيتي في منع عدد من محاولات الاستحواذ الصينية على قطاعات استراتيجية للاقتصاد الإيطالي، ما يعد رسالة طمأنة إلى الولايات المتحدة التي تعمل على تقليص النفوذ الصيني في أوروبا والعالم.
وقبل ذلك، أمضى معظم فترة عضويته البرلمانية التي استمرت 26 عاماً خلف الكواليس، مفاوضاً نيابة عن آخرين ومكوناً صداقات مهمة في قطاع المال والأعمال.
وخلال رئاسته للجنة الميزانية في مجلس النواب لعشرة أعوام من 2001 إلى 2013، تعلم جورجيتي خبايا العمليات التشريعية في روما، وامتدت مهارات شبكة العلاقات التي اشتهر بها من السياسة إلى الأعمال وحتى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية القوية في إيطاليا.
ولم يكن جورجيتي الخيار الأول لرئيسة الوزراء ميلوني لهذا المنصب. وكانت ترغب في تولي شخصية تكنوقراطية لوزارة الاقتصاد، وتقول المصادر، بحسب وكالة رويترز، إنها تواصلت مع عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي فابيو بانيتا، الذي لم يقبل المنصب، قبل اختيار جورجيتي.
وزير الخارجية
أصبح أنطونيو تاجاني (69 عاماً) وزير الخارجية ونائب رئيسة الوزراء، وهو أحد أقرب المساعدين لرئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، ويوصف بأنه "من الأيدي الأمينة"، بحسب رويترز، وله باع طويل في الاتحاد الأوروبي، وهو نائب زعيم حزب "فورزا إيطاليا" المحافظ بزعامة برلسكوني منذ عام 2018.
دخل تاجاني، الصحافي السابق، عالم السياسة مع برلسكوني في عام 1994 وقضى معظم مسيرته السياسية في بروكسل، إما في البرلمان الأوروبي أو في المفوضية الأوروبية، ما يعد رسالة طمأنة إلى بروكسل أيضاً.
وترأس البرلمان الأوروبي (2017-2019). وفي المفوضية الأوروبية، تولى محفظتي النقل (2008-2010) والصناعة (2010-2014). وفي بداياته كشاب سياسي، كان تاجاني من أنصار حزب يميني مؤيد للملكية. وهو يتحدث الفرنسية والإسبانية والإنجليزية إلى جانب الإيطالية.
وزير الداخلية
ماتيو بيانتيدوسي (59 عاماً)، موظف مدني محترف كان مديراً لمكتب زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني عندما كان وزيراً للداخلية (2018-2019) وساعده على صياغة سياساته المتشددة ضد الهجرة غير الشرعية.
وعلى الرغم من أنه مقرب من سالفيني، فإن بيانتيدوسي تكنوقراطي بلا انتماء حزبي ولا خبرة سابقة كوزير. وقضى العامين الماضيين في منصب محافظ روما، وهو مسؤول يحافظ على الأمن والنظام العام في العاصمة.
وزير الدفاع
جيدو كروسيتو (59 عاماً)، عضو جماعة ضغط في قطاع الدفاع، ومساعد مقرب لميلوني وأحد مؤسسي حزبها. استهل مسيرته السياسية مع الحزب المسيحي الديمقراطي في الثمانينات، وظل عضواً في البرلمان لفترة طويلة حتى عام 2019 عندما استقال ليصبح رئيساً لاتحاد الصناعات الإيطالية للفضاء والدفاع والأمن.
يلقب كروسيتو، الذي يقترب طوله من المترين "بالعملاق اللطيف"، في إشارة إلى شخصية كارتونية. وشغل كروسيتو منصب وزير الدولة لشؤون الدفاع في حكومة برئاسة برلسكوني بين عامي 2008 و2011.
مهمة صعبة
وتواجه ميلوني مهمة صعبة، إذ تشهد إيطاليا ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، على غرار جاراتها، وضعاً اقتصادياً صعباً حالياً بسبب أزمة الطاقة والتضخم، كما سيتعيّن على ميلوني المحافظة على وحدة ائتلافها الذي يعاني تشققات.
ويتوقع من حكومتها التركيز أولاً على التحديات العديدة وخصوصاً الاقتصادية التي تنتظرها بدءاً بالتضخم والديون الكبيرة التي تشكل 150% من الناتج المحلي الاجمالي، وهي أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.
ووعدت ميلوني وهي "مسيحية محافظة مناهضة لحقوق المثليين"، بعدم المساس بالقانون الذي يجيز الإجهاض في البلاد.