بعيدا عن الديمقراطيين والجمهوريين.. أحزاب أخرى ومستقلون في المشهد الانتخابي
الحرة
Thursday, April 21, 2022
رغم أن المشهد السياسي الأميركي يطغى عليه حزبان أساسيان، الديمقراطي والجمهوري، إلا أن هناك أكثر من 54 حزبا سياسيا في الولايات المتحدة، بينها 37 حزبا تقدم مرشحين لرئاسة البلاد.
لكن ورغم التواجد النشط لتلك الأحزاب، إلا أنها لا تتمكن من مجاراة النفوذ الذي يحظى به الحزبان المسيطران على المشهد السياسي الحديث للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن الأحزاب الأخرى قد لا تملك فرصة في الفوز مباشرة في الانتخابات النصفية الحالية، إلا أن مرشحيها يمكنهم أن يرجحوا كفة الأصوات لتغيير النتائج الكلية، وفقا لموقع "ذا هيل".
أبرز مرشحي الأحزاب الأخرى
ويتمركز مرشحو الأحزاب الأخرى في الانتخابات النصفية الحالية في الولايات التالية:
- يوتاه/مجلس الشيوخ: إيفان ماكمولين، ترشح لعضوية مجلس الشيوخ بشكل مستقل، أمام الجمهوري، مايك لي، الذي حظي بأكثر من 55 في المئة من الأصوات، وكانت يوتاه الولاية الوحيدة التي لم يترشح فيها أي ديمقراطي لعضوية مجلس الشيوخ، وفقا لـ "ذا هيل".
- جورجيا/ الحاكم: توقع موقع "ذا هيل" أن المرشح عن الحزب الليبرتاري، شاين هايزل، لا يملك فرصة للفوز بمنصب حاكم الولاية، إلا أن ترشحه سيؤثر على النتيجة.
- جورجيا/ مجلس الشيوخ: ومثل سباق حكام الولاية، قد يتسبب تشايس أوليفر بمشاكل للسيناتور الديمقراطي، رافاييل وورنوك وخصمه الجمهوري، نجم اتحاد كرة القدم الأميركي السابق، هيرشل ووكر، من خلال إجبارهم على الدخول في جولة الإعادة في ديسمبر.
أوريغون/الحاكم: المستقلة بيتسي جونسون يمكن أن تهدد توجه الولاية في اختيار حكام ديمقراطيين منذ عام 1986، وفقا لـ "ذا هيل"، إذ أثار ترشحها مخاوف لدى الديمقراطيين من تمكنهم من الحفاظ على هذا المقعد لصالح الحزب الأزرق.
ومنذ أواسط القرن التاسع عشر، انتمى كل الرؤساء الأميركيين إلى واحد من الحزبين الرئيسيين.
ولكن لماذا يبرز حزبان فقط في المشهد السياسي وفي الديمقراطية الأميركية؟ ماذا عن الأحزاب الـ 52 الأخرى؟ وما الذي يمكن لتلك الأحزاب أن تغيره في حال تمكنت من لعب دور فعلي في المناصب الأميركية؟ تشريعية كانت أم تنفيذية؟
يشير موقع "الإذاعة الوطنية العامة" (NPR) إلى أن السبب في تهميش الأحزاب من أطراف ثالثة يعود إلى العملية السياسية وطبيعة الأحزاب ذاتها.
يمثل حزب الخضر وحزب الإصلاح والحزب الليبرتاري وحزب الدستور وحزب القانون الطبيعي "الأحزاب الثالثة" الأكثر نشاطا حاليا في الولايات المتحدة، وقدمت كل هذه الأحزاب مرشحين للرئاسة في الانتخابات العديدة الماضية.
ويركز حزب الخضر بشكل أساسي على قضايا البيئة.
بينما "الحزب الليبريتاري" والذي يشكل ثالث أكبر حزب سياسي في الدولة وأقدم الأحزاب "الثالثة" أو الأحزاب الأخرى، يركز على تقليل دور الحكومة، ويعتقد أعضاؤه أن عملها يجب أن يقتصر فقط على توفير الأمن والحماية للمواطنين، ورغم أنه لم يصل أي من مرشحي هذا الحزب إلى الرئاسة، إلا أن العديد من أعضائه تولوا مناصب في الولاية والحكومات المحلية.
وهناك أيضا حزب "دافعي الضرائب الأميركيين"، والذي غير اسمه إلى "حزب الدستور" في عام 2000، وينادي بتطبيق الوصف الحرفي للدستور ومد الولايات والسلطات المحلية بنفوذ أكبر، ومن أبرز مرشحيه للرئاسة كان هوارد فيليبس، لكنه حظي في عام 1992 على أقل من 1 في المئة من الأصوات.
تأثير هذه الأحزاب في العملية السياسية الأميركية
ويشير الموقع إلى أن هذه الأحزاب كان لها تأثير كبير على السياسات الأميركية والحوارات السياسية رغم أن تواجدها في الكونغرس يعد ضئيلا للغاية.
ويشغل عضوان مستقلان فقط مجلس الشيوخ الأميركي حاليا، وهما آنغوس كينغ جونيور عن ولاية ماين، وبيرنارد (بيرني) ساندرز، عن ولاية فيرمونت، وكلاهما يميلان إلى الحزب الديمقراطي، وفقا لموقع مجلس الشيوخ الأميركي.
ووفقا لموقع "إن بي آر"، يعد أبرز نجاح لواحد من الأحزاب "الثالثة" في انتخابات واحدة، ما فعله حزب "الإصلاح" عندما رشح الملياردير من تكساس، روس بيروت، في عام 1992.
وأسس بيروت حملته أساسا على تقليل العجز في الميزانية الفيدرالية، وهي قضية تم تجاهلها في الانتخابات السابقة، إلا أنها أصبحت، بعد حملته، واحدة من أبرز القضايا المطروحة ضمن حملات الرئاسة الأميركية. وحظي بيروت حينها بـ 19 في المئة من الأصوات.
ويقول المؤرخ مايكل بيتشلوس، لموقع "إن بي آر" إن بيروت كان أول مرشح يبرز موضوع العجز كأمر سلبي، وأضاف "لولا أن بيل كلينتون أحرز تقدما في ذلك الخريف في التقليل من العجز كان سيكون في ورطة كبيرة، وكان روس بيروت المسؤول عن ذلك".
وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، دعم الحزب الاشتراكي الأميركي الحركة المنادية بدعم حق النساء في التصويت (Women's suffrage movement) وطالبوا بإقرار قوانين لحظر عمالة الأطفال عام 1904. وجنبا إلى جنب مع "حزب الشعب"، المعروف أيضا باسم "الحزب الشعبوي"، قدما حدا لساعات العمل لتبلغ 40 ساعة أسبوعيا، وهو ما مهد إلى إقرار قانون العمالة العادلة في عام 1938.
التحديات أمام بروز الأحزاب "الثالثة"
ويشير شون وايلنيتز، مدير البرنامج الأميركي للدراسات التابع لجامعة برينستون، في حديث لموقع "إن بي آر" إلى أن الأحزاب الثالثة "تشبه الذباب المحيط بالماشية". موضحا أنها "تركز على مواضيع مهملة أو قضايا يتم تهميشها عن قصد عن الحوار الوطني من كلا الحزبين خوفا من الانتقادات التي قد يجلبها طرحها، مثال كلاسيكي على ذلك: العبودية".
وأضاف وايلنيتز أن التجربة "حلوة مرّة"، فهذه الأحزاب "تعمل على إثارة القضايا التي لا يود أحد طرحها، ومن خلال ذلك تغير الحوار السياسي بل وحتى السياسات ذاتها، لكنها، وكقوة سياسية، تختفي".
وذكر موقع "إن بي آر" أن الناخبين الأميركيين لم ينتخبوا رئيسًا من حزب "ثالث" منذ أبراهام لينكولن عندما هزم الحزب الجمهوري الذي كان يمثل الأقلية آنذاك، الحزب اليميني (whig party) والديمقراطي في عام 1860 على منصة مناهضة العبودية.
لكن الناخبين غالبًا ما يشعرون بالقلق من "إهدار" تصويت مرشح طرف ثالث لأنه من غير المرجح أن يفوز.
ويشير بيتشلوس للموقع ذاته إلى أن الأحزاب الثالثة غالبًا ما تركز على حول شخصية أو قضية واحدة ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض شعبيتها لدى الناخبين.
ربما تكون أهم العقبات التي تواجه مرشحي هذه الأحزاب هي نظام "الفائز يأخذ كل شيء". ففي معظم الولايات، يحظى المرشح الرئاسي الحاصل على أعلى نسبة من الأصوات على جميع الأصوات الانتخابية في الولاية.
ويقول جون إف. بيبي، الأستاذ بجامعة ويسكونسن والمؤلف المشارك لكتاب "حزبان - أو أكثر؟ نظام الأحزاب الأميركية" إن المرتبة الثانية لا تحظى بأي جوائز، موضحا أنه "مع وجود رئيس منتخب واحد إذا كانت لديك فرصة للفوز بالولايات، والتي يتم منحها جميعا على أساس أن 'الفائز يأخذ كل شيء'، لن تكون لديك فرصة للفوز. الحافز هو تشكيل أحزاب ذات قاعدة عريضة لديها فرصة للفوز في الهيئة الانتخابية".
وأوضح بيبي تحديات أخرى بسبب قوانين تمويل الحملات الانتخابية الفيدرالية، والتي تضع شروطا صارمة أمام المرشحين للانتخابات الرئاسية، وطرحت مثالا ما توجب على رالف نادر فعله، إذ طلب منه جمع مليون ونصف توقيع للسماح بترشحه عام 2004.
كما نوه بيبي إلى قلة الاهتمام الإعلامي بندوات النقاش السياسي الخاصة بمرشحي الأحزاب الثالثة.
ووفقا وايلنيتز، يمثل الديمقراطيون والجمهوريون فكرتين أساسيتين ومتناقضتين حول كيفية إدارة السياسات والسياسة.
وقال إن الجمهوريين "حزب محافظ إلى حد كبير والديمقراطيون حزب ليبرالي إلى حد كبير، وأعتقد أنهم صامدان، لأنهما أصبحا يمثلان وجهتي النظر هاتين أكثر وأكثر".
يوافق بيبي على ذلك. ويقول: "إنها طبيعة المجتمع الأميركي ومعتقدات الأميركيين بأن لدينا عددا قليلا نسبيا قد يصل حد التطرف"، ويوضح: "معظم الأمريكيين معتدلون نسبيا ويمكنهم العمل بشكل مريح داخل نظام يكون فيه يجنح فيه أحد الطرفين يمينا قليلا والآخر إلى اليسار قليلا. لا يرون أي حاجة كبيرة لبديل".
ملاحظة : نحن ننشر المقالات و التحقيقات من وسائل الإعلام المفتوحة فقط و التي تسمح بذلك مع الحفاظ على حقوقها ووضع المصدر و الرابط الأصلي له تحت كل مقال و لا نتبنى مضمونها