تدمير ممنهج للمصارف … تدمير ممنهج للمدارس و القطاع التربوي … تدمير ممنهج للمستشفيات و القطاع الطبي … تدمير ممنهج للمؤسسات السياحية و ضربها … تدمير لكل ما صنعه آباء الكيان و أعطاه صورته المعروفة في العالم ووضعه في مصاف الدول المتطورة و المتحضرة .
طبعاً ليس الهدف من مقالنا هذا تبرأة أحد … الهدف محاولة محاكاة العقل عند اللبنانيبن و خاصة مسيحييه وسط موجة الجنون المصطنعة التي تضرب لبنان اليوم و التي كما هو ظاهر تحركها أطراف معينة أو أقله تستفيد منها .
فاستكمالاً للإنهيار المقصود بعد التخلف عن الدفع و بشهادة أعلى المراجع المالية الدولية و الذي أدى الى ضرب مقومات الدولة العميقة في لبنان التي ارتكز عليها الكيان منذ نشوئه حتى اليوم تقوم بعض القوى بالاستمرار في مهاجمة المصارف المفلسة أصلاً و بضراوة من خلال استغلال وجع الناس لتحقيق أهداف أبعد من تلك المصارف و أبعد من المطالب المشروعة و المحقة للناس .
لنفهم ما يجري علينا أن نلقي نظرة تاريخية سريعة على المرتكزات الأساسية التي قامت عليها الدولة اللبنانية منذ إنشاء الكيان و حتى اليوم .
فعلى ماذا قامت تلك الدولة في كيان لا يتمتع أصلاً بأي موارد طبيعية و لا يملك صناعات كبرى و غيرها أو ركائز أساسية لقيام الدول ؟
لقد قام الكيان اللبناني بالأساس على قطاع الخدمات و الذي يشتمل على أركان أربعة هي القطاع المصرفي - القطاع التربوي - القطاع الطبي و القطاع السياحي .
تلك القطاعات التي استفادت من أجواء الحريات العامة في لبنان و انفتاحه على العالم الحر و تماهيه معه لتطور قدراتها و لتفرض نفسها رقماً صعباً في معادلة الشرق الأوسط المالية و الإقتصادية لفترات طويلة من الزمن .
أهم تلك القطاعات كان القطاع المصرفي اللبناني المعروف عالمياً و الذي شكل دائما العمود الفقري للاقتصاد اللبناني بجلبه الأموال و الاستثمارات و ضخها في الاقتصاد اللبناني ما أمن انتعاشاً و حياة رغيدة للبنانيبن ووضعهم في مصاف الشعوب الغنية في هذه المنطقة .
لذا رأينا أن كل من أراد ضرب الكيانية اللبنانية حاول تاريخياً التخلص من عقبات أساسية بوجهه تبدأ بالمصارف و لا تنتهي بالإرساليات و المستشفيات و الفنادق و التي كانت بأغلبها مؤسسات كوَنها بداية رأس المال المسيحي و انضم اليه لاحقاً مكونات أخرى بنسب متفاوتة لكنه ظل المساهم الرئيسي في تلك القطاعات و شكلت تاريخياً دولته العميقة التي حافظت على الكيان و حمته من السقوط في المحظور على مرّ الأيام .
من هنا و في هذا السياق يمكننا أن نضع اليوم الهجمة المستمرة و العنيفة على تلك القطاعات من قبل جهات معروفة الهوى و الانتماء و مشروعها بتغيير هوية لبنان و طابعه معروف وواضح للجميع و هي أصلاً تعلنه صراحة و لا تخجل به .
أيها اللبنانيون و خاصة المسيحيين عليكم التنبه جيداً لما يجري اليوم … ما يحصل ليس لعبة و ليس تصرفات عفوية لمتضررين … ما يحصل هو استكمال للإنقضاض الذي حصل على دولتكم العميقة عام ٢٠١٩ و الذي بدأ بتدمير القطاع المصرفي عن سابق تصور و تصميم و محاولة استبدال رأسماله برأسمال آخر تابع لمنظومة أخرى تحاول تغيير هوية و طبيعة لبنان و كلنا يذكر التراخيص الجاهزة وقتها للمصارف البديلة و محاولة استبدال ودائع البعض بتمليكهم أسهم وازنة في المصارف الموجودة إن لم ينجح مشروع المصارف البديلة .
أيها اللبنانيون لا تنجروا وراء الشعارات البراقة و لا تتركوا البعض يستغل حاجتكم و غضبكم لتحقيق أهداف لا علاقة لكم بها .
ما يجري اليوم هو تدمير ممنهج و عن سابق تصور و تصميم للبنان القديم لاستبداله بلبنان آخر لا يشبه لبناننكم بشيء و هنا الخطر الكبير …
هذا التدمير الممنهج بدأ باستهداف العامود الفقري للاقتصاد اللبناني أي المصارف و لن ينتهي قبل تدمير آخر مستشفى و مدرسة و إرسالية تدل على لبنان القديم و تساهم في بقاء النموذج القديم فاحذروا وواجهوهم بالصمود و التعالي كي لا نخسر لبناننا و نذهب الى جمهورية أخرى لا تشبهنا و لا نشبهها فنصبح لاجئين و غرباء في أرضنا .